للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦٤ - بَاب ذَهَابُ جَرِيرٍ إِلَى الْيَمَنِ

٤٣٥٩ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كُنْتُ بِالْيَمَنِ فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ: ذَا كَلَاعٍ، وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ ذُو عَمْرٍو: لَئِنْ كَانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ فَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلَاثٍ وَأَقْبَلَا مَعِي، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُمْ فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقَالَا: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ، فَأَخ بَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ قَالَ: أَفَلَا جِئْتَ بِهِمْ؟ فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لِي ذُو عَمْرٍو: يَا جَرِيرُ، إِنَّ بِكَ عَلَيَّ كَرَامَةً، وَإِنِّي مُخْبِرُكَ خَبَرًا، إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا يَغْضَبُونَ غَضَبَ الْمُلُوكِ، وَيَرْضَوْنَ رِضَا الْمُلُوكِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ ذَهَابِ جَرِيرٍ) أَيِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ (إِلَى الْيَمَنِ) ذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ إِلَى الْيَمَنِ أُقَاتِلُهُمْ وَأَدْعُوهُمْ أَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْبَعْثَ غَيْرُ بَعْثِهِ إِلَى هَدْمِ ذِي الْخَلَصَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَعَثَهُ إِلَى الْجِهَتَيْنِ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِيَّ حَدِيثِ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لَهُ: يَا جَرِيرُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ طَوَاغِيتِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا بَيْتُ ذِي الْخَلَصَةِ، فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ جِدًّا، وَسَيَأْتِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَنَّ جَرِيرًا شَهِدَهَا، فَكَأَنَّ إِرْسَالَهُ كَانَ بَعْدَهَا، فَهَدَمَهَا ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى الْيَمَنِ، وَلِهَذَا لَمَّا رَجَعَ بَلَغَتْهُ وَفَاةُ النَّبِيِّ .

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) هُوَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْمُ أَبِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَاسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَبْسِيُّ بِالْمُوَحَّدَةِ الْحَافِظُ، وَابْنُ إِدْرِيسَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ، وَقَيْسٌ هُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (كُنْتُ بِالْيَمَنِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ جَرِيرٍ عِنْدَ ابْنِ عَسَاكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ بَعَثَهُ إِلَى ذِي عَمْرٍو، وَذِي الْكَلَاعِ يَدْعُوهُمَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَا، قَالَ: وَقَالَ لِي ذُو الْكَلَاعِ: ادْخُلْ عَلَى أُمِّ شُرَحْبِيلَ يَعْنِي زَوْجَتَهُ. وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ فِي الرِّدَّةِ بِأَسَانِيدَ مُتَعَدِّدَةٍ نَحْوَ هَذَا.

قَوْلُهُ: (فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كُنْتُ بِالْيَمَنِ، فَأَقْبَلْتُ وَمَعِي ذُو الْكَلَاعِ، وَذُو عَمْرٍو وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَبْيَنُ، وَذَلِكَ أَنَّ جَرِيرًا قَضَى حَاجَتَهُ مِنَ الْيَمَنِ، وَأَقْبَلَ رَاجِعًا يُرِيدُ الْمَدِينَةَ فَصَحِبَهُ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ ذُو الْكَلَاعِ، وَذُو عَمْرٍو، فَأَمَّا ذُو الْكَلَاعِ فَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَاسْمُهُ إسْمَيْفَعُ بِسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَبَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ، وَيُقَالُ: أَيْفَعُ بْنُ بَاكُورَاءَ وَيُقَالُ: ابْنُ حَوْشَبِ بْنِ عَمْرٍو. وَأَمَّا ذُو عَمْرٍو فَكَانَ أَحَدَ مُلُوكِ الْيَمَنِ وَهُوَ مِنْ حِمْيَرَ أَيْضًا، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ غَيْرِهِ، وَلَا رَأَيْتُ مِنْ أَخْبَارِهِ أَكْثَرَ مِمَّا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ، وَكَانَا عَزَمَا عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمَّا بَلَغَهُمَا وَفَاةَ النَّبِيِّ رَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ ثُمَّ هَاجَرَا فِي زَمَنِ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (لَئِنْ كَانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ) أَيْ حَقًّا، فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَئِنْ كَانَ كَمَا تَذْكُرُ وَقَوْلُهُ: لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ إِنْ أَخْبَرْتَنِي بِهَذَا أُخْبِرْكَ بِهَذَا، وَهَذَا قَالَهُ ذُو عَمْرٍو عَنِ اطِّلَاعٍ مِنَ الْكُتُبِ الْقَدِيمَةِ لِأَنَّ الْيَمَنَ كَانَ أَقَامَ بِهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ فَدَخَلَ كَثِيرٌ مِنْ