للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَيْمُونَةَ وَهِلَالُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ، فَقَدْ يُظَنُّ ثَلَاثَةً، وهو وَاحِدٌ، وهو مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، وَشَيْخُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَوْسَاطِهِمْ.

قَوْلُهُ: (يُحَدِّثُ) هُوَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَحُذِفَ مَفْعُولُهُ الثَّانِي لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ. وَالْقَوْمُ الرِّجَالُ. وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ تَبَعًا.

قَوْلُهُ: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ.

قَوْلُهُ: (فَمَضَى) أَيِ: اسْتَمَرَّ يُحَدِّثُهُ، كَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْحَمَوِيِّ بِزِيَادَةِ هَاءٍ، وَلَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ، وَإِنْ ثَبَتَتْ فَالْمَعْنَى يُحَدِّثُ الْقَوْمَ الْحَدِيثَ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى الْأَعْرَابِيِّ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ) إِنَّمَا حَصَلَ لَهُمُ التَّرَدُّدُ فِي ذَلِكَ لِمَا ظَهَرَ مِنْ عَدَمِ الْتِفَاتِ النَّبِيِّ إِلَى سُؤَالِهِ وَإِصْغَائِهِ نَحْوَهُ ; وَلِكَوْنِهِ كَانَ يَكْرَهُ السُّؤَالَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِهَا، وَقَدْ تَبَيَّنَ عَدَمُ انْحِصَارِ تَرْكِ الْجَوَابِ فِي الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، بَلِ احْتَمَلَ كَمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ أَخَّرَهُ لِيُكْمِلَ الْحَدِيثَ الَّذِي هُوَ فِيهِ، أَوْ أَخَّرَ جَوَابَهُ لِيُوحِيَ إِلَيْهِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ) بِالرَّفْعِ عَلَى الْحِكَايَةِ، وَأُرَاهُ بِالضَّمِّ أَيْ: أَظُنُّهُ، وَالشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ. وَرَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وَغَيْرُهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ فُلَيْحٍ وَلَفْظُهُ: أَيْنَ السَّائِلُ وَلَمْ يَشُكَّ.

قَوْلُهُ: (إِذَا وُسِّدَ) أَيْ: أُسْنِدَ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْوِسَادَةِ، وَكَانَ مِنْ شَأْنِ الْأَمِيرِ عِنْدَهُمْ إِذَا جَلَسَ أَنْ تُثْنَى تَحْتَهُ وِسَادَةٌ، فَقَوْلُهُ: وُسِّدَ أَيْ: جُعِلَ لَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ وِسَادًا، فَتَكُونُ إِلَى بِمَعْنَى اللَّامِ وَأَتَى بِهَا لِيَدُلَّ عَلَى تَضْمِينِ مَعْنَى أُسْنِدَ. وَلَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ فِي الرِّقَاقِ إِذَا أُسْنِدَ وَكَذَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ عَنْ فُلَيْحٍ.

وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الْمَتْنِ لِكِتَابِ الْعِلْمِ أَنَّ إِسْنَادَ الْأَمْرِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ غَلَبَةِ الْجَهْلِ وَرَفْعِ الْعِلْمِ، وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْرَاطِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْعِلْمَ مَا دَامَ قَائِمًا فَفِي الْأَمْرِ فُسْحَةٌ. وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْعِلْمَ إِنَّمَا يُؤْخَذُ عَنِ الْأَكَابِرِ، تَلْمِيحًا لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْجُمَحِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُلْتَمَسَ الْعِلْمُ عِنْدَ الْأَصَاغِرِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٣ - بَاب مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ

٦٠ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قال: حدثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ، وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.

[الحديث ٦٠ - طرفاه في: ١٦٣، ٩٦]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْعِلْمِ. حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانَ) زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ عَنْهُ: عَارُمُ بْنُ الْفَضْلِ، وَعَارِمٌ لَقَبٌ، واسمه مُحَمَّدٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ.

قَوْلُهُ: (مَاهَكُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا، وهو غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ، وَرَوَاهُ الْأَصِيلِيُّ مُنْصَرِفًا فَكَأَنَّهُ لَحَظَ فِيهِ الْوَصْفَ. وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْعِلْمِ بِقَوْلِهِ: فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ بِذَلِكَ حَيْثُ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ لِبُعْدٍ أَوْ كَثْرَةِ جَمْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا إِذَا كَانَ فِي مَوْعِظَةٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: كَانَ النَّبِيُّ إِذَا خَطَبَ وَذَكَرَ السَّاعَةَ اشْتَدَّ غَضَبُهُ وَعَلَا صَوْتُهُ. . . الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ فِي مَعْنَاهُ وَزَادَ حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بِالسُّوقِ لَسَمِعَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ إِعَادَةِ الْحَدِيثِ لِيُفْهَمَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَبَاحِثِ الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: فِي هَذَا التَّبْوِيبِ رَمْزٌ مِنَ الْمُصَنِّفِ إِلَى أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَبْلُغَ الْغَايَةَ فِي تَدْوِينِ