كَلَامِهِ مَا أَجْرَاهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَفْظَ شَيْءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ بَلْ دَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ شَيْءٌ تَكْذِيبًا لِلدَّهْرِيَّةِ، وَمُنْكِرِي الْإِلَهِيَّةِ مِنَ الْأُمَمِ، وَسَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَنْ يُلْحِدُ فِي أَسْمَائِهِ وَيُلَبِّسُ عَلَى خَلْقِهِ وَيُدْخِلُ كَلَامَهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ، فَقَالَ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ فَأَخْرَجَ نَفْسَهُ وَكَلَامَهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ، ثُمَّ وَصَفَ كَلَامَهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، فَقَالَ: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ﴾ فَدَلَّ عَلَى كَلَامِهِ بِمَا دَلَّ عَلَى نَفْسِهِ لِيُعْلَمَ أَنَّ كَلَامَهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، فَكُلُّ صِفَةٍ تُسَمَّى شَيْئًا بِمَعْنَى أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ، وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ أَيْضًا أَنَّ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَالْآثَارِ رَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ النَّاشِئُ الْمُتَكَلِّمُ وَغَيْرُهُ، وَرَدًّا عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَعْدُومَ شَيْءٌ، وَقَدْ أَطْبَقَ الْعُقَلَاءُ عَلَى أَنَّ لَفْظَ شَيْءٍ يَقْتَضِي إِثْبَاتَ مَوْجُودٍ، وَعَلَى أَنَّ لَفْظَ لَا شَيْءٍ يَقْتَضِي نَفْيَ مَوْجُودٍ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إِطْلَاقِهِمْ لَيْسَ بِشَيْءٍ فِي الذَّمِّ فَإِنَّهُ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ.
٢٢ - بَاب: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾، ﴿وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ قَالَ أَبُو عَالِيَةِ: ﴿اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ ارْتَفَعَ. ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾ خَلَقَهُنَّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿اسْتَوَى﴾ عَلَا عَلَى الْعَرْشِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿الْمَجِيدِ﴾ الْكَرِيمُ، ﴿الْوَدُودُ﴾ الْحَبِيبُ، يُقَالُ: ﴿حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ مَحْمُودٌ مِنْ حَمِدَ
٧٤١٨ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عن أَبي حَمْزَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: إِنِّي عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ، قَالُوا: بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقَالَ: اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ، قَالُوا: قَبِلْنَا، جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ مَا كَانَ، قَالَ: كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ أَتَانِي رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا عِمْرَانُ أَدْرِكْ نَاقَتَكَ فَقَدْ ذَهَبَتْ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُهَا فَإِذَا السَّرَابُ يَنْقَطِعُ دُونَهَا، وَايْمُ اللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ وَلَمْ أَقُمْ.
٧٤١٩ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: إِنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْفَيْضُ - أَوْ: الْقَبْضُ - يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ.
٧٤٢٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ. قَالَ أَنَسٌ: لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ، قَالَ: فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهْلِيكُنَّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute