للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْحِلِّ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحَرَّمَةً.

قَوْلُهُ: (شَفَاعَتِي) اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ جَعْلَ ذَلِكَ ثَوَابًا لِقَائِلِ ذَلِكَ مَعَ مَا ثَبَتَ مِنْ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِلْمُذْنِبِينَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَهُ ﷺ شَفَاعَاتٌ أُخْرَى: كَإِدْخَالِ الْجَنَّةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَكَرَفْعِ الدَّرَجَاتِ فَيُعْطَى كُلُّ أَحَدٍ مَا يُنَاسِبُهُ. وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِمَنْ قَالَهُ مُخْلِصًا مُسْتَحْضِرًا إِجْلَالَ النَّبِيِّ ﷺ لَا مَنْ قَصَدَ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ الثَّوَابِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ تَحَكُّمٌ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، وَلَوْ كَانَ أَخْرَجَ الْغَافِلَ اللَّاهِيَ لَكَانَ أَشْبَهَ. وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: فِي الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى الدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّهُ حَالُ رَجَاءِ الْإِجَابَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٩ - بَاب الِاسْتِهَامِ فِي الْأَذَانِ

وَيُذْكَرُ أَنَّ أَقْوَامًا اخْتَلَفُوا فِي الْأَذَانِ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ

٦١٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ الِاسْتِهَامِ فِي الْأَذَانِ)) أَيِ الِاقْتِرَاعُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ﴾ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: قِيلَ: لَهُ الِاسْتِهَامُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُبُونَ أَسْمَاءَهُمْ عَلَى سِهَامٍ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الشَّيْءِ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ غَلَبَ.

قَوْلُهُ: (وَيَذْكُرُ أَنَّ قَوْمًا اخْتَلَفُوا) أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: تَشَاحَّ النَّاسُ فِي الْأَذَانِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَاخْتَصَمُوا إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ. وَقَدْ وَصَلَهُ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ فِي الْفُتُوحِ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُبْرُمَةَ، عَنْ شَقِيقٍ - وَهُوَ أَبُو وَائِلٍ - قَالَ: افْتَتَحْنَا الْقَادِسِيَّةَ صَدْرَ النَّهَارِ، فَتَرَاجَعْنَا وَقَدْ أُصِيبَ الْمُؤَذِّنُ فَذَكَرَهُ وَزَادَ: فَخَرَجَتِ الْقُرْعَةُ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ فَأَذَّنَ.

(فَائِدَةٌ): الْقَادِسِيَّةُ مَكَانٌ بِالْعِرَاقِ مَعْرُوفٌ، نُسِبَ إِلَى قَادِسٍ رَجُلٍ نَزَلَ بِهِ، وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ ﵇ قَدَّسَ عَلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَلِذَلِكَ صَارَ مَنْزِلًا لِلْحَاجِّ، وَكَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ مَشْهُورَةٌ مَعَ الْفُرْسِ وَذَلِكَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَكَانَ سَعْدٌ يَوْمَئِذٍ الْأَمِيرَ عَلَى النَّاسِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ سُمَيٍّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِلَفْظِ التَّصْغِيرِ.

قَوْلُهُ: (مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ) أَيِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ.

قَوْلُهُ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ) قَالَ الطِّيبِيُّ: وَضَعَ الْمُضَارِعَ مَوْضِعَ الْمَاضِي لِيُفِيدَ اسْتِمْرَارَ الْعِلْمِ.

قَوْلُهُ: (مَا فِي النِّدَاءِ) أَيِ الْأَذَانِ، وَهِيَ رِوَايَةُ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مَالِكٍ عِنْدَ السَّرَّاجِ.

قَوْلُهُ: (وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ) زَادَ أَبُو الشَّيْخِ فِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَطْلَقَ مَفْعُولَ يَعْلَمُ وَهُوَ مَا وَلَمْ يُبَيِّنِ الْفَضِيلَةَ مَا هِيَ لِيُفِيدَ ضَرْبًا مِنَ الْمُبَالَغَةِ وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصْفِ، وَالْإِطْلَاقُ إِنَّمَا هُوَ فِي قَدْرِ الْفَضِيلَةِ وَإِلَّا فَقَدْ بَيَّنْتُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْحَمَوِيِّ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ثُمَّ لَا يَجِدُوا وَوَجَّهَهُ بِجَوَازِ حَذْفِ النُّونِ تَخْفِيفًا، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا) أَيْ لَمْ يَجِدُوا شَيْئًا مِنْ وُجُوهِ الْأَوْلَوِيَّةِ، أَمَّا فِي الْأَذَانِ فَبِأَنْ يَسْتَوُوا فِي مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ وَحُسْنِ الصَّوْتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِطِ الْمُؤَذِّنِ