اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَنْفِرَ، إِذَا صَفِيَّةُ عَلَى بَابِ خِبَائِهَا كَئِيبَةً، فَقَالَ لَهَا: عَقْرَى - أَوْ: حَلْقَى - إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَانْفِرِي إِذًا.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾ مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَهُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ. وَفَصَّلَ أَبُو ذَرٍّ بَيْنَ أَرْحَامِهِنَّ وَبَيْنَ مِنْ بِدَائِرَةٍ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ التَّفْسِيرُ لَا أَنَّهَا قِرَاءَةٌ، وَسَقَطَ حَرْفُ مِنْ لِلنَّسَفِيِّ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ عَنْ طَائِفَةٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْحَيْضُ، وَعَنْ آخَرِينَ الْحَمْلُ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ كِلَاهُمَا، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ أَمْرَ الْعِدَّةِ لَمَّا دَارَ عَلَى الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَالِاطِّلَاعُ عَلَى ذَلِكَ يَقَعُ مِنْ جِهَةِ النِّسَاءِ غَالِبًا، جُعِلَتِ الْمَرْأَةُ مُؤْتَمَنَةً عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: دَلَّتِ الْآيَةُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى رَحِمِهَا مِنَ الْحَمْلِ وَالْحَيْضِ، إِلَّا أَنْ تَأْتِيَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا يُعْرَفُ كَذِبُهَا فِيهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ مِنَ الْأَمَانَةِ أَنِ ائْتُمِنَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا، هَكَذَا أَخْرَجَهُ مَوْقُوفًا فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مُدَّةِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَأَقَلِّهِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ وَالِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لِصَفِيَّةَ لَمَّا حَاضَتْ فِي أَيَّامِ مِنًى: إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِيهِ شَاهِدٌ لِتَصْدِيقِ النِّسَاءِ فِيمَا يَدَّعِينَهُ مِنَ الْحَيْضِ؛ لِكَوْنِ النَّبِيِّ ﷺ أَرَادَ أَنْ يُؤَخِّرَ السَّفَرَ وَيَحْبِسَ مَنْ مَعَهُ لِأَجْلِ حَيْضِ صَفِيَّةَ، وَلَمْ يَمْتَحِنْهَا فِي ذَلِكَ وَلَا أَكْذَبَهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَمَّا رَتَّبَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى مُجَرَّدِ قَوْلِ صَفِيَّةَ إِنَّهَا حَائِضٌ تَأْخِيرَهُ السَّفَرَ، أُخِذَ مِنْهُ تَعَدِّي الْحُكْمِ إِلَى الزَّوْجِ، فَتُصَدِّقُ الْمَرْأَةُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ بِاعْتِبَارِ رَجْعَةِ الزَّوْجِ وَسُقُوطِهَا وَإِلْحَاقِ الْحَمْلِ بِهِ.
٤٤ - بَاب ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ﴾ فِي الْعِدَّةِ
وَكَيْفَ يُرَاجِعُ الْمَرْأَةَ إِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ، وقوله: فلا تعضلوهن
٥٣٣٠ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: زَوَّجَ مَعْقِلٌ أُخْتَهُ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً.
٥٣٣١ - و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ كَانَتْ أُخْتُهُ تَحْتَ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ خَلَّى عَنْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ خَطَبَهَا فَحَمِيَ مَعْقِلٌ مِنْ ذَلِكَ أَنَفًا فَقَالَ خَلَّى عَنْهَا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا ثُمَّ يَخْطُبُهَا فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَرَأَ عَلَيْهِ فَتَرَكَ الْحَمِيَّةَ وَاسْتَقَادَ لِأَمْرِ اللَّهِ"
٥٣٣٢ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵄ طَلَّقَ امْرَأَةً لَهُ وَهِيَ حَائِضٌ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ عِنْدَهُ حَيْضَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute