وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ الْجَهْلِ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الدَّوَاءِ، فَرُبَّ مَرَضَيْنِ تَشَابَهَا وَيَكُونُ أَحَدُهُمَا مُرَكَّبًا لَا يَنْجَعُ فِيهِ مَا يَنْجَعُ فِي الَّذِي لَيْسَ مُرَكَّبًا فَيَقَعُ الْخَطَأُ مِنْ هُنَا، وَقَدْ يَكُونُ مُتَّحِدًا لَكِنْ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ لَا يَنْجَعَ فَلَا يُنْجَعُ، وَمِنْ هُنَا تَخْضَعُ رِقَابُ الْأَطِبَّاءِ، وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خُزَامَةَ وَهُوَ بِمُعْجَمَةٍ وَزَايٍ خَفِيفَةٍ: عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ، هَلْ يَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا؟ قَالَ: هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُصُولَ الشِّفَاءِ بِالدَّوَاءِ إِنَّمَا هُوَ كَدَفْعِ الْجُوعِ بِالْأَكْلِ، وَالْعَطَشِ بِالشُّرْبِ، وَهُوَ يَنْجَعُ فِي ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ، وَقَدْ يَتَخَلَّفُ لِمَانِعٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ الدَّاءُ وَالدَّوَاءُ كِلَاهُمَا بِفَتْحِ الدَّالِ وَبِالْمَدِّ، وَحُكِيَ كَسْرُ دَالِ الدَّوَاءِ. وَاسْتِثْنَاءُ الْمَوْتِ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ وَاضِحٌ، وَلَعَلَّ التَّقْدِيرَ: إِلَّا دَاءَ الْمَوْتِ، أَيِ: الْمَرَضُ الَّذِي قُدِّرَ عَلَى صَاحِبِهِ الْمَوْتُ. وَاسْتِثْنَاءُ الْهَرَمِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، إِمَّا لِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَبِيهًا بِالْمَوْتِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا نَقْصُ الصِّحَّةِ، أَوْ لِقُرْبِهِ مِنَ الْمَوْتِ وَإِفْضَائِهِ إِلَيْهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا، وَالتَّقْدِيرُ: لَكِنِ الْهَرَمُ لَا دَوَاءَ لَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٢ - بَاب هَلْ يُدَاوِي الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ أَوْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ؟
٥٦٧٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ رُبَيِّعَ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ، قَالَتْ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَسْقِي الْقَوْمَ وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى إِلَى الْمَدِينَةِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ هَلْ يُدَاوِي الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَةُ الرَّجُلَ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الرُّبَيِّعِ بِالتَّشْدِيدِ: كُنَّا نَغْزُو وَنَسْقِي الْقَوْمَ، وَنَخْدُمُهُمْ وَنَرُدُّ الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا السِّيَاقِ تَعَرُّضٌ لِلْمُدَاوَاةِ، إِلَّا إِنْ كَانَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهَا: نَخْدُمُهُمْ، نَعَمْ وَرَدَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ بِلَفْظِ: وَنُدَاوِي الْجَرْحَى وَنَرُدُّ الْقَتْلَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَذَلِكَ فِي بَابِ مُدَاوَاةِ النِّسَاءِ الْجَرْحَى فِي الْغَزْوِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ، فَجَرَى الْبُخَارِيُّ عَلَى عَادَتِهِ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ، وَيُؤْخَذُ حُكْمُ مُدَاوَاةِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ مِنْهُ بِالْقِيَاسِ. وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحِجَابِ، أَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَصْنَعُ ذَلِكَ بِمَنْ يَكُونُ زَوْجًا لَهَا أَوْ مَحْرَمًا. وَأَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَتَجُوزُ مُدَاوَاةُ الْأَجَانِبِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّظَرِ وَالْجَسِّ بِالْيَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.
٣ - بَاب الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ
٥٦٨٠ - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ الْأَفْطَسُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، قَالَ: الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَ: شَرْبَةِ عَسَلٍ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ. وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنْ الْكَيِّ. رَفَعَ الْحَدِيثَ.
وَرَوَاهُ الْقُمِّيُّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْعَسَلِ وَالْحَجْمِ.
٥٦٨١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ،. أَخْبَرَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ أَبُو الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute