للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ: قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ: صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: لِمَنْ شَاءَ.

قَوْلُهُ: (كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً) قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: لَمْ يُرِدْ نَفْيَ اسْتِحْبَابِهَا، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا لَا يُسْتَحَبُّ، بَلْ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَقْوَى الْأَدِلَّةِ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: سُنَّةً؛ أَيْ شَرِيعَةً وَطَرِيقَةً لَازِمَةً، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ انْحِطَاطُ مَرْتَبَتِهَا عَنْ رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ، وَلِهَذَا لَمْ يَعُدَّهَا أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الرَّوَاتِبِ، وَاسْتَدْرَكَهَا بَعْضُهُمْ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ وَاظَبَ عَلَيْهَا، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي بَابِ كَمْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مِنْ أَبْوَابِ الْأَذَانِ.

قَوْلُهُ: (الْيَزَنِيَّ) بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالزَّايِ، بَعْدَهَا نُونٌ، وَهُوَ مِصْرِيٌّ، وَكَذَا بَقِيَّةُ رِجَالِ الْإِسْنَادِ سِوَى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ دَخَلَهَا.

قَوْلُه: (أَلَا أُعَجِّبُكَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ مِنَ التَّعَجُّبِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَبِي تَمِيمٍ)؛ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ الْجَيْشَانِيُّ، بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ، بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ، تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ، أَسْلَمَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، ثُمَّ قَدِمَ فِي زَمَنِ عُمَرَ، فَشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ وَسَكَنَهَا، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَقَدْ عَدَّهُ جَمَاعَةٌ فِي الصَّحَابَةِ لِهَذَا الْإِدْرَاكِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ لَهُ، وَهُوَ عَلَى شَرْطِهِ، فَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ (١).

قَوْلُهُ: (يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: حِينَ يَسْمَعُ أَذَانَ الْمَغْرِبِ. وَفِيهِ: فَقُلْتُ لِعُقْبَةَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَغْمِصَهُ، وَهُوَ بِمُعْجَمَةٍ، ثُمَّ مُهْمَلَةٍ؛ أَيْ أَعِيبُهُ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ عُقْبَةُ إِلَخْ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْبَابِ السَّابِقِ، وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّمَا تُسْتَحَبُّ الرَّكْعَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ لِمَنْ كَانَ مُتَأَهِّبًا بِالطُّهْرِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، لِئَلَّا يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ إِيقَاعَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْلَى، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِهِمَا مَا لَمْ تُقَمِ الصَّلَاةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِهِ فِي الْبَابِ السَّابِقِ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ: لَمْ يَفْعَلْهُمَا أَحَدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، لِأَنَّ أَبَا تَمِيمٍ تَابِعِيٌّ، وَقَدْ فَعَلَهُمَا. وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ، عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: مَا فَعَلْتُهُمَا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً حِينَ سَمِعْتُ الْحَدِيثَ.

وَفِيهِ أَحَادِيثُ جِيَادٌ عَنِ النَّبِيِّ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لِمَنْ شَاءَ فَمَنْ شَاءَ صَلَّى.

٣٦ - بَاب صَلَاةِ النَّوَافِلِ جَمَاعَةً

ذَكَرَهُ أَنَسٌ، وَعَائِشَةُ عَنْ النَّبِيِّ

١١٨٥ - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِهِ مِنْ بِئْرٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ.

١١٨٦ - فَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّهُ سَمِعَ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الْأَنْصارِيَّ ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ يَقُولُ: كُنْتُ أُصَلِّي لِقَوْمِي بِبَنِي سَالِمٍ وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءَتْ الْأَمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مَسْجِدِهِمْ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَنْكَرْتُ بَصَرِي وَإِنَّ الْوَادِيَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ قَوْمِي يَسِيلُ إِذَا جَاءَتْ الْأَمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَيَّ اجْتِيَازُهُ فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تَأْتِي فَتُصَلِّي مِنْ بَيْتِي مَكَانًا


(١) ليس الرد عليه بظاهر، لأن البخاري لم يخرج عن تميم هنا خبرا مرفوعا ولا موقوفا، وإنما وقع ذكره في أثناء الرواية من غير احتجاج به. والله أعلم.