عَلَى هَذَا الْوَزْنِ وَالْقَافِيَةِ يَقُولُ فِيهَا:
تَفَاقَدَ مَعْشَرٌ نَصَرُوا قُرَيْشًا … وَلَيْسَ لَهُمْ بِبَلْدَتِهِمْ نَصِيرُ
وَهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ فَضَيَّعُوهُ … فَهُمْ عُمْيٌ عَنِ التَّوْرَاةِ بُورُ
وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ قَصِيدَتِهِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَعْضُهَا فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ، وَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ عَنْهَا. وَفِي قِصَّةِ بَنِي قُرَيْظَةَ مِنَ الْفَوَائِدِ وَخَبَرِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ جَوَازُ تَمَنِّي الشَّهَادَةِ، وَهُوَ مَخْصُوصٌ مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ عَنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ. وَفِيهَا تَحْكِيمُ الْأَفْضَلِ مَنْ هُوَ مَفْضُولٌ. وَفِيهَا جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَهِيَ خِلَافِيَّةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَالْمُخْتَارُ الْجَوَازُ سَوَاءٌ كَانَ بِحُضُورِ النَّبِيِّ ﷺ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا اسْتَبْعَدَ الْمَانِعُ وُقُوعَ الِاعْتِمَادِ عَلَى الظَّنِّ مَعَ إِمْكَانِ الْقَطْعِ، وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ بِالتَّقْرِيرِ يَصِيرُ قَطْعِيًّا، وَقَدْ ثَبَتَ وُقُوعُ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ ﷺ كَمَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁ فِي قَتِيلِ أَبِي قَتَادَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لَهُ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٤١٢٣ - حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ ﵁ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِحَسَّانَ: اهْجُهُمْ - أَوْ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيلُ مَعَكَ.
٤١٢٤ - وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ.
قَوْلُهُ: (عَدِيٌّ) هُوَ ابْنُ ثَابِتٍ.
قَوْلُهُ: (اهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ) بِالشَّكِّ، وَالثَّانِي أَخَصُّ مِنَ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ) وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ الشَّيْبَانِيُّ وَاسْمُهُ سُلَيْمَانُ، وَزِيَادَتُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعَيِّنَةٌ أَنَّ الْأَمْرَ لَهُ بِذَلِكَ وَقَعَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ﵁ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ وَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِغَيْظِهِمْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ يَحْمِي أَغرَاضَ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَامَ كَعْبٌ، وَابْنُ رَوَاحَةَ، وَحَسَّانُ، فَقَالَ لِحَسَّانَ: اهْجُهُمْ أَنْتَ فَإِنَّهُ سَيُعِينُكَ عَلَيْهِمْ رُوحُ الْقُدْسِ فَهَذَا يُؤَيِّدُ زِيَادَةَ الشَّيْبَانِيِّ الْمَذْكُورَةَ، فَإِنَّ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ مُسَبَّبٌ عَنْ يَوْمِ الْأَحْزَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا مَانِعَ أَنْ يَتَعَدَّدَ وُقُوعُ الْأَمْرِ لَهُ بِذَلِكَ. وَأَوْرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ، لِحَسَّانَ فِي شَأْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ عِدَّةَ قَصَائِدَ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ.
٣١ - بَاب غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَهِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ
فَنَزَلَ نَخْلًا، وَهِيَ بَعْدَ خَيْبَرَ، لِأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ
٤١٢٥ - قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ قَالَ ابْنُ