للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أمر الله وصدوا قَوْلُهُ: (زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ إِلَخْ) تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ.

قَوْلُهُ: (أَنْبَأَنَا بَرِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ) كَذَا وَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ وَوَقَعَ لِغَيْرِهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بَدَلَ عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ أَصْوَبُ؛ لِأَنَّ بَرِيدَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، فَأَبُو بُرْدَةَ جَدُّهُ لَا أَبُوهُ، لَكِنْ يَجُوزُ إِطْلَاقُ الْأَبَ عَلَيْهِ مَجَازًا.

قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ أَيْ: يُمْهِلُهُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ إِنَّ اللَّهَ يُمْلِي وَرُبَّمَا قَالَ يُمْهِلُ وَرَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيِّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ يَزِيدَ قَالَ يُمْلِي وَلَمْ يَشُكَّ. قُلْتُ: قَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ يُمْلِي وَلَمْ يَشُكَّ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الرُّبَاعِيِّ أَيْ لَمْ يُخَلِّصْهُ، أَيْ إِذَا أَهْلَكَهُ لَمْ يَرْفَعْ عَنْهُ الْهَلَاكَ، وَهَذَا عَلَى تَفْسِيرِ الظُّلْمِ بِالشِّرْكِ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَإِنْ فُسِّرَ بِمَا هُوَ أَعَمُّ فَيُحْمَلُ كُلٌّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَقِيلَ مَعْنَى لَمْ يُفْلِتْهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الظَّالِمَ إِذَا صُرِفَ عَنْ مَنْصِبِهِ وَأُهِينَ لَا يَعُودُ إِلَى عِزِّهِ، وَالْمُشَاهَدُ فِي بَعْضِهِمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى مَا قَدَّمْتُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٦ - بَاب ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ وَزُلَفًا: سَاعَاتٍ بَعْدَ سَاعَاتٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْمُزْدَلِفَةُ، الزُّلَفُ: مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ. وَأَمَّا ﴿زُلْفَى﴾ فَمَصْدَرٌ مِنْ الْقُرْبَى. ازْدَلَفُوا: اجْتَمَعُوا. أَزْلَفْنَا: جَمَعْنَا.

٤٦٨٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ قَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ؟ قَالَ: لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي.

قَوْلُهُ: بَابُ ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ الْآيَةَ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَأَكْمَلَ غَيْرُهُ الْآيَةَ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِطَرَفَيِ النَّهَارِ فَقِيلَ: الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ، وَقِيلَ: الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ، وَعَنْ مَالِكٍ، وَابْنِ حَبِيبٍ: الصُّبْحُ طَرَفٌ وَالظُّهْرُ وَالْعَصْرُ طَرَفٌ.

قَوْلُهُ: ﴿وَزُلَفًا﴾ سَاعَاتٌ بَعْدَ سَاعَاتٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْمُزْدَلِفَةُ، الزُّلَفُ مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ، وَأَمَّا زُلْفَى فَمَصْدَرٌ مِنَ الْقُرْبَى، ازْدَلَفُوا اجْتَمَعُوا، أَزْلَفْنَا جَمَعْنَا) انْتَهَى. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ سَاعَاتٌ وَاحِدَتُهَا زُلْفَةٌ أَيْ سَاعَةٌ وَمَنْزِلَةٌ وَقُرْبَةٌ، وَمِنْهَا سُمِّيَتْ الْمُزْدَلِفَةُ، قَالَ الْعَجَّاجُ:

نَاجٍ طَوَاهُ الْأَيْنُ مِمَّا وَجَفَا … طَيُّ اللَّيَالِي زُلَفًا فَزُلَفَا

وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ أَيْ: قُرِّبَتْ وَأُدْنِيَتْ، وَلَهُ عِنْدِي زُلْفَى أَيْ قُرْبَى، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ﴾ أَيْ جَمَعْنَا، وَمِنْهُ لَيْلَةُ الْمُزْدَلِفَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالزُّلَفِ، فَعَنْ مَالِكٍ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وُجُوبَ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّ زُلَفًا جَمْعٌ أَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ فَيُضَافُ إِلَى الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْوِتْرُ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ. وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ الْمُقَدَّمُ ذِكْرُهَا قَالَ قَتَادَةُ: طَرَفَيِ النَّهَارِ الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ، وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ) كَذَا وَقَعَ فِيهِ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّى،