٩٠ - بَاب نَقْضِ الصُّوَرِ
٥٩٥٢ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ حَدَّثَتْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَال بُ إِلَّا نَقَضَهُ.
٥٩٥٣ - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ، فَرَأَى في أَعْلَاهَا مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً. ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إِبْطَهُ. فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: مُنْتَهَى الْحِلْيَةِ.
[الحديث ٥٩٥٣ - طرفه في: ٧٥٥٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ نَقْضِ الصُّوَرِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ، وَالصُّوَرُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ صُورَةٍ، وَحُكِيَ سُكُونُ الْوَاوِ فِي الْجَمْعِ أَيْضًا. ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ.
قَوْلُهُ: (هِشَامٌ) هُوَ ابْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتَوَائِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ يَحْيَى) هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَعِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ اللِّبَاسِ. وَفِي قَوْلِهِ: أنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ رَدٌّ عَلَى ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي قَوْلِهِ إِنَّ عِمْرَانَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ، وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ سَرْحٍ، عَنْ عِمْرَانَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ فَذَكَرَ حَدِيثًا آخَرَ. وَفِي الطَّبَرِيِّ الصَّغِيرِ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِمْرَانَ قَالَتْ لِي عَائِشَةُ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ اللِّبَاسِ لَهُ حَدِيثٌ آخَرُ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِسُؤَالِهِ عَائِشَةَ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَال بُ) جَمْعُ صَلِيبٍ، كَأَنَّهُمْ سَمَّوْا مَا كَانَتْ فِيهِ صُورَةُ الصَّلِيبِ تَصْلِيبًا تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ شَيْئًا فِيهِ تَصْلِيبٌ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ تَصَاوِيرُ بَدَلَ تَصَال بَ، وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ أَثْبَتُ، قَفَدَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ: تَصَال بُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ أَبَانَ الْعَطَّارِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَاجُ إِلَى مُطَابَقَةِ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْ نَقْضِ الصَّلِيبِ نَقْضَ الصُّورَةِ الَّتِي تَشْتَرِكُ مَعَ الصَّلِيبِ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ عِبَادَتُهُمَا مِنْ دُونِ اللَّهِ. فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالصُّوَرِ فِي التَّرْجَمَةِ خُصُوصَ مَا يَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ، بَلْ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (إِلَّا نَقَضَهُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبَانَ إِلَّا قَضَبَهُ، بِتَقْدِيمِ الْقَافِ ثُمَّ الْمُعْجَمَةُ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةُ، وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ هِشَامٍ وَرَجَّحَهَا بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَصَابِيحِ وَعَكَسَهُ الطِّيبِيُّ فَقَالَ: رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ أَضْبَطُ وَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِمْ أَوْلَى. قُلْتُ: وَيَتَرَجَّحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ النَّقْضَ يُزِيلُ الصُّورَةَ مَعَ بَقَاءِ الثَّوْبِ عَلَى حَالِهِ، وَالْقَضْبُ وَهُوَ الْقَطْعُ يُزِيلُ صُورَةَ الثَّوْبِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ ﷺ كَانَ يَنْقُضُ الصُّورَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا لَهُ ظِلٌّ أَو لَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا تُوطَأُ أَمْ لَا، سَوَاء فِي الثِّيَابِ وَفِي الْحِيطَانِ وَفِي الْفُرُشِ وَالْأَوْرَاقِ وَغَيْرِهَا.
قُلْتُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ الرِّوَايَةِ بِلَفْظِ تَصَاوِيرَ وَأَمَّا بِلَفْظِ تَصَالِيبَ فَلَا؛ لِأَنَّ فِي التَّصَالِيبَ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى مُطْلَقِ الصُّوَرِ ; لِأَنَّ الصَّلِيبَ مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ بِخِلَافِ الصُّوَرِ فَلَيْسَ جَمِيعُهَا مِمَّا عُبِدَ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ فَرَّقَ فِي الصُّوَرِ بَيْنَ مَا لَهُ رُوحٌ فَمَنَعَهُ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ. فَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالنَّقْضِ الْإِزَالَةَ دَخَلَ طَمْسُهَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ نَقْشًا فِي