٥٩ - بَاب إِذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ أَنْ يَؤُمَّ ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ
٦٩٩ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ أُصَلِّي مَعَهُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ أَنْ يَؤُمَّ، إِلَخْ) لَمْ يَجْزِمْ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ نَوَى، لَا فِي ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِ، وَلَا بَعْدَ أَنْ قَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَصَلَّى مَعَهُ، لَكِنْ فِي إِيقَافِهِ إِيَّاهُ مِنْهُ مَوْقِفَ الْمَأْمُومِ مَا يُشْعِرُ بِالثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يُشْتَرَطُ؛ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ، وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَيْضًا بِحَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ: فَجِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، وَجَاءَ آخَرُ فَقَامَ إِلَى جَنْبِي حَتَّى كُنَّا رَهْطًا، فَلَمَّا أَحَسَّ النَّبِيُّ ﷺ بِنَا تَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ، الْحَدِيثَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ ابْتِدَاءً، وَائْتَمُّوا هُمْ بِهِ وَأَقَرَّهُمْ. وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الصِّيَامِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.
وَذَهَبَ أَحْمَدُ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ، فَشَرَطَ أَنْ يَنْوِيَ فِي الْفَرِيضَةِ دُونَ النَّافِلَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ، فَقَالَ: أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ) هُوَ مِنْ أَقْرَانِ أَيُّوبَ الرَّاوِي عَنْهُ، وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ تَامًّا فِي كِتَابِ الْوِتْرِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -.
٦٠ - بَاب إِذَا طَوَّلَ الْإِمَامُ وَكَانَ لِلرَّجُلِ حَاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى
٧٠٠ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ.
[الحديث ٧٠٠ - أطرافه: ٦١٠٦، ٧١١، ٧٠٥، ٧٠١]
٧٠١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ فَكَأَنَّ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ فَبَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ فَتَّانٌ فَتَّانٌ فَتَّانٌ ثَلَاثَ مِرَارٍ أَوْ قَالَ فَاتِنًا فَاتِنًا فَاتِنًا وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ مِنْ أَوْسَطِ الْمُفَصَّلِ قَالَ عَمْرٌو لَا أَحْفَظُهُمَا
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا طَوَّلَ الْإِمَامُ وَكَانَ لِلرَّجُلِ) أَيِ: الْمَأْمُومِ (حَاجَةٌ فَخَرَجَ وَصَلَّى) وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ: فَصَلَّى بِالْفَاءِ، وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ فِي الْأُولَى جَوَازَ الِائْتِمَامِ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ، وَفِي الثَّانِيَةِ جَوَازَ قَطْعِ الِائْتِمَامِ بَعْدَ