فَلَا تَرِدُ الصُّبْحَ مَثَلًا، وَعُرِفَ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ ﷺ كَانَ إِذَا رَقِيَ الْمِنْبَرَ وَجَلَسَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ وَكَانُوا ثَلَاثَةً وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٌ، فَإِذَا فَرَغَ الثَّالِثُ قَامَ فَخَطَبَ، فَإِنَّهُ دَعْوَى تَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ، وَلَمْ يَرِدْ ذَلِكَ صَرِيحًا مِنْ طَرِيقٍ مُتَّصِلَةٍ يُثْبِتُ مِثْلَهَا، ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ (١)، عَنِ الشَّافِعِيِّ.
٢٣ - بَاب يُجِيبُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ
٩١٤ - حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَأَنَا، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وَأَنَا، فَلَمَّا أَنْ قَضَى التَّأْذِينَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى هَذَا الْمَجْلِسِ حِينَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ مِنِّي مِنْ مَقَالَتِي.
قَوْلُهُ: (بَابُ يُجِيبُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ) فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ يُؤَذِّنُ بَدَلَ يُجِيبُ، فَكَأَنَّهُ سَمَّاهُ أَذَانًا لِكَوْنِهِ بِلَفْظِهِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ حِبَّانَ، وَعَبْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ - سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ.
قَوْلُهُ: (وَأَنَا) أَيْ أَشْهَدُ، أَوْ أَنَا أَقُولُ مِثْلَهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَنْ قَضَى) أَيْ فَرَغَ وَأَنْ زَائِدَةٌ، وَسَقَطَتْ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَلَمَّا أَنِ انْقَضَى أَيِ انْتَهَى. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمُهُ مِنَ الْإِمَامِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَنَّ الْخَطِيبَ يُجِيبُ الْمُؤَذِّنَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَنَّ قَوْلَ الْمُجِيبِ وَأَنَا كَذَلِكَ وَنَحْوَهُ يَكْفِي فِي إِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، وَفِيهِ إِبَاحَةُ الْكَلَامِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ، وَأَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ غَيْرُ مُرَجَّعٍ وَفِيهِمَا نَظَرٌ، وَفِيهِ الْجُلُوسٌ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَبَقِيَّةُ مَبَاحِثهِ تَقَدَّمَتْ فِي أَبْوَابِ الْأَذَانِ.
٢٤ - بَاب الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ عِنْدَ التَّأْذِينِ
٩١٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ أَنَّ التَّأْذِينَ الثَّانِيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ حِينَ كَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ التَّأْذِينُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْجُلُوسِ عَلَى الْمِنْبَرِ عِنْدَ التَّأْذِينِ) تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ حَدِيثِ السَّائِبِ قَرِيبًا، وَمُنَاسَبَتُهُ لِلَّذِي قَبْلَهُ ظَاهِرَةٌ جِدًّا، وَأَشَارَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ إِلَى أَنَّ مُنَاسَبَةَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى خِلَافِ مَنْ قَالَ الْجُلُوسُ عَلَى الْمِنْبَرِ عِنْدَ التَّأْذِينِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَهُوَ عَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ، وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ: هُوَ سُنَّةٌ. قَالَ الزَّيْنُ: وَالْحِكْمَةُ فِيهِ سُكُونُ اللَّفْظِ، وَالتَّهَيُّؤُ لِلْإِنْصَاتِ، وَالِاسْتِنْصَاتُ لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ، وَإِحْضَارُ الذِّهْنِ لِلذِّكْرِ.
٢٥ - بَاب التَّأْذِينِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ
٩١٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ
(١) في المخطوطة الرياض " المزني"