هُوَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ زَوْجُ وَالِدَةِ أَنَسٍ أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ هُوَ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
قَوْلُهُ: (كَوَيَاهُ وَكَوَاهُ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِهِ) نُسِبَ الْكَيُّ إِلَيْهِمَا مَعًا لِرِضَاهُمَا بِهِ، ثُمَّ نُسِبَ الْكَيُّ لِأَبِي طَلْحَةَ وَحْدَهُ لِمُبَاشَرَتِهِ له. وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَيُّوبَ: وَشَهِدَنِي أَبُو طَلْحَةَ، وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ) هُوَ النَّاجِي بِالنُّونِ وَالْجِيمِ، وَأَرَادَ بِهَذَا التَّعْلِيقِ فَائِدَةً مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ، وَأُخْرَى مِنْ جِهَةِ الْمَتْنِ، أَمَّا الْإِسْنَادُ فَبَيَّنَ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ بَيَّنَ فِي رِوَايَتِهِ صُورَةَ أَخْذِ أَيُّوبَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، وَأَنَّهُ كَانَ قَرَأَهُ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِهِ، وَأَطْلَقَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ رِوَايَتَهُ بِالْعَنْعَنَةِ. وَأَمَّا الْمَتْنُ فَلِمَا فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ، وَهِيَ أَنَّ الْكَيَّ الْمَذْكُورَ كَانَ بِسَبَبِ ذَاتِ الْجَنْبِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ فِيمَنْ حَضَرَ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ زِيَادَةٌ أُخْرَى فِي أَوَّلِهِ أَفْرَدَهَا بَعْضُهُمْ، وَهِيَ حَدِيثُ إِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنْ يُرْقُوا مِنَ الْحُمَةِ وَالْأُذُنِ. وَلَيْسَ لِعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ - وَكُنْيَتُهُ أَبُو سَلَمَةَ - فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُعَلَّقِ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ عِدَّةِ جِهَاتٍ: إِحْدَاهَا: أَنَّهُ رُمِيَ بِالْقَدَرِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً.
ثَانِيهَا: أَنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ.
ثَالِثُهَا: أَنَّهُ قَدْ تَغَيَّرَ حِفْظُهُ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: لَمَّا رَأَيْنَاهُ كَانَ لَا يَحْفَظُ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ ضَعْفَهُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يكْتَبُ حَدِيثَهُ. وَوَصَلَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ أَبُو يَعْلَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيِّ، عَنْ رَيْحَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبَّادٍ بِطُولِهِ، وَأَخْرَجَهُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَذَلِكَ، وَفَرَّقَهُ الْبَزَّارُ حَدِيثَيْنِ، وَقَالَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: تَفَرَّدَ بِهِ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ. وَالْحُمَةُ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَقَدْ تُشَدَّدُ، وَأَنْكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ، هِيَ السُّمُّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهَا فِي بَابِ مَنِ اكْتَوَى، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حُكْمِهَا فِي بَابِ رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ بَعْدَ أَبْوَابٍ. وَأَمَّا رُقْيَةُ الْأُذُنِ فَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْمُرَادُ وَجَعُ الْأُذُنِ، أَيْ: رَخَّصَ فِي رُقْيَةِ الْأُذُنِ إِذَا كَانَ بِهَا وَجَعٌ، وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى الْحَصْرِ الْمَاضِي فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِ مَنِ اكْتَوَى حَيْثُ قَالَ: لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَخَّصَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ مَنْعَ مِنْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى لَا رُقْيَةَ أَنْفَعُ مِنْ رُقْيَةِ الْعَيْنِ وَالْحُمَةِ، وَلَمْ يُرِدْ نَفْيُ الرُّقَى عَنْ غَيْرِهِمَا. وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ، عَنِ ابْنِ بَطَّالٍ أَنَّهُ ضَبَطَهُ الْأُدْرُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ. وَأَنَّهُ جَمْعُ أُدْرَةٍ وَهِيَ نَفْخَةُ الْخُصْيَةِ، قَالَ: وَهُوَ غَرِيبٌ شَاذٌّ انْتَهَى. وَلَمُ أَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ ابْنِ بَطَّالٍ، فَلْيُحَرَّرْ.
وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي سِيَاقِ رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ بِلَفْظِ: أَنْ يَرْقُوا مِنَ الْحُمَةِ، وَأَذِنَ بِرُقْيَةِ الْعَيْنِ وَالنَّفْسِ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: وَالْأُذُنُ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ تَصْحِيفٌ مِنْ قَوْلِهِ: أَذِنَ فِعْلٌ مَاضٍ مِنَ الْإِذْنِ، لَكِنْ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَةٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: وَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَرْقِي مِنَ الْأُذْنِ وَالنَّفْسِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ بَابُ رُقْيَةِ الْعَيْنِ وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: رَخَّصَ لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْأَنْصَارِ هُمْ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَقَعَ ذَلِكَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ مِنْهُمْ عُمَارَةُ بْنُ حَزْمٍ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي كِتَابِ الصَّحَابَةِ.
٢٧ - بَاب حَرْقِ الْحَصِيرِ لِيُسَدَّ بِهِ الدَّمُ
٥٧٢٢ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ ﷺ الْبَيْضَةُ وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي الْمِجَنِّ، وَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ ﵍ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى الْمَاءِ كَثْرَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute