للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شَرْطِيَّةً وَتَقْدِيرُهُ: لَكَانَ أَسْهَلَ عَلَيْكَ، وَإِنْ كَانَتْ لِلتَّمَنِّي فَلَا حَذْفَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ فَحَلَّهُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَقُولَ جَابِرٍ أَوْ مَقُولَ مَنْ حَدَّثَهُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (فَمَا رُئِيَ) بِضَمِّ الرَّاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ، وَيَجُوزُ كَسْرُ الرَّاءِ بَعْدَهَا مَدَّةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَلَمْ يَتَعَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَمُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ ; لِأَنَّهَا تَتَنَاوَلُ مَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ فَيَتِمُّ بِذَلِكَ الِاسْتِدْلَالُ.

وَفِيهِ أَنَّهُ ﷺ كَانَ مَصُونًا عَمَّا يُسْتَقْبَحُ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَبَعْدَهَا. وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ التَّعَرِّي بِحَضْرَةِ النَّاسِ، وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْوَةِ بَعْدَ قَلِيلٍ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ أَنَّهُ ﷺ تَعَرَّى وَهُوَ صَغِيرٌ عِنْدَ حَلِيمَةَ فَلَكَمَهُ لَاكِمٌ فَلَمْ يَعُدْ يَتَعَرَّى. وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى نَفْيِ التَّعَرِّي بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ عَادِيَّةٍ، وَالَّذِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى الضَّرُورَةِ الْعَادِيَّةِ، وَالنَّفْيُ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَوْ يَتَقَيَّدُ بِالضَّرُورَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَحَالَةِ النَّوْمِ مَعَ الْأَهْلِ أَحْيَانًا.

٩ - بَاب الصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَالْقَبَاءِ

٣٦٥ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَسَأَلَهُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، فَقَالَ: أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ، ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقَالَ: إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا، جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ، فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ، قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ) قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: السَّرَاوِيلُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. وَلَمْ يَعْرِفْ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ التَّذْكِيرَ، وَالْأَشْهَرُ عَدَمُ صَرْفِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالتُّبَّانُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةٍ، وَهُوَ عَلَى هَيْئَةِ السَّرَاوِيلِ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رِجْلَانِ. وَقَدْ يُتَّخَذُ مِنْ جِلْدِ.

قَوْلُهُ: (وَالْقَبَاءُ) بِالْقَصْرِ وَبِالْمَدِّ قِيلَ هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقِيلَ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنْ قَبَوْتُ الشَّيْءَ إِذَا ضَمَمْتُ أَصَابِعَكَ عَلَيْهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِانْضِمَامِ أَطْرَافِهِ. وَرُوِيَ عَنْ كَعْبٍ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ لَبِسَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ﵉.

قَوْلُهُ: (عَنْ مُحَمَّدٍ) هُوَ ابْنُ سِيرِينَ.

قَوْلُهُ: (قَامَ رَجُلٌ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَرْفُوعِ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ) أَيْ عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يُسَمَّ أَيْضًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ مَسْعُودٍ ; لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ هُوَ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أُبَيٌّ الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ يَعْنِي لَا تُكْرَهُ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ وَفِي الثِّيَابِ قِلَّةٌ، فَقَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: الْقَوْلُ مَا قَالَ أُبَيٌّ، وَلَمْ يَأْلُ ابْنُ مَسْعُودٍ. أَيْ لَمْ يُقَصِّرْ. أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.

قَوْلُهُ: (جَمَعَ رَجُلٌ) هُوَ بَقِيَّةُ قَوْلِ عُمَرَ، وَأَوْرَدَهُ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ وَمُرَادُهُ الْأَمْرُ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: يَعْنِي لِيَجْمَعْ وَلْيُصَلِّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ كَلَامٌ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ فَحَسَنٌ. ثُمَّ فَصَّلَ الْجَمْعَ بِصُوَرٍ عَلَى مَعْنَى الْبَدَلِيَّةِ.

وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: تَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيثَ فَائِدَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا: وُرُودِ الْفِعْلِ الْمَاضِي بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى وَالْمَعْنَى لِيُصَلِّ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمُ اتَّقَى اللَّهَ عَبْدٌ وَالْمَعْنَى لِيَتَّقِ. ثَانِيهُمَا: حَذْفُ حَرْفِ الْعَطْفِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَفِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ ﷺ تَصَدَّقَ امْرُؤٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ. انْتَهَى، فَحَصَلَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَوْجِيهَانِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: وَأَحْسَبُهُ) قَائِلُ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَالضَّمِيرُ فِي أَحْسَبُهُ رَاجِعٌ إِلَى عُمَرَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلِ الْجَزْمُ بِذَلِكَ لِإِمْكَانِ أَنَّ عُمَرَ أَهْمَلَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ التُّبَّانَ لَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ كُلَّهَا