للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَقَالَ: قَرَأْتُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ: بَلْ هَذَذْتَ كَهَذِّ الشِّعْرِ وَكَنَثْرِ الدَّقْلِ وَهَذَا الرَّجُلُ هُوَ نَهِيكُ بْنُ سِنَانٍ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. وَقَوْلُهُ هَذًّا بِفَتْحِ الْهَاءِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمُنَوَّنَةِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ سُرْعَةُ الْقِرَاءَةِ بِغَيْرِ تَأَمُّلٍ كَمَا يُنْشَدُ الشِّعْرُ، وَأَصْلُ الْهَذِّ سُرْعَةُ الدَّفْعِ. وَعِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: إِنَّمَا فُصِّلَ لِتُفَصِّلُوهُ.

قَوْلُهُ: (ثَمَانِي عَشْرَةَ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ فَقَالَ فِيهِ: عِشْرِينَ سُورَةً مِنْ أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الثَّمَانِ عَشْرَةَ غَيْرُ سُورَةِ الدُّخَانِ وَالَّتِي مَعَهَا، وَإِطْلَاقُ الْمُفَصَّلِ عَلَى الْجَمِيعِ تَغْلِيبًا، وَإِلَّا فَالدُّخَانُ لَيْسَتْ مِنَ الْمُفَصَّلِ عَلَى الْمُرَجَّحِ، لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَأْلِيفُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى خِلَافِ تَأْلِيفِ غَيْرِهِ، فَإِنَّ فِي آخِرِ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَلَى تَأْلِيفِ ابْنِ مَسْعُودٍ آخِرُهُنَّ حم الدُّخَانِ، وَعَمَّ، فَعَلَى هَذَا لَا تَغْلِيبَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ آلِ حَامِيمٍ) أَيِ السُّورَةُ الَّتِي أَوَّلُهَا حم، وَقِيلَ: يُرِيدُ حم نَفْسَهَا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: أَنَّهُ أُوتِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ يَعْنِي دَاوُدَ نَفْسَهُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ: آلُ دَاوُدَ يُرِيدُ بِهِ دَاوُدَ نَفْسَهُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّ دَلِيلَهُ يُخَالِفُ تَأْوِيلَهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا يَتِمُّ مُرَادُهُ لَوْ كَانَ الَّذِي يَدْخُلُ أَشَدَّ الْعَذَابِ فِرْعَوْنُ وَحْدَهُ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: لَوْلَا أَنَّ هَذَا الْحَرْفَ وَرَدَ فِي الْكِتَابَةِ مُنْفَصِلًا يَعْنِي آلَ وَحْدَهَا وَحم وَحْدَهَا لَجَازَ أَنْ تَكُونَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ الَّتِي لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَسُورَتَيْنِ مِنَ الْحَوَامِيمِ. قُلْتُ: لَكِنَّ الرِّوَايَةَ أَيْضًا لَيْسَتْ فِيهَا وَاوٌ، نَعَمْ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ الْمَذْكُورَةِ آخِرُهُنَّ مِنَ الْحَوَامِيمِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الْمَذْكُورَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: قَوْلُهُ مِنْ آلِ حَامِيمَ مِنْ كَلَامِ أَبِي وَائِلٍ، وَإِلَّا فَإِنَّ أَوَّلَ الْمُفَصَّلِ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ أَوَّلِ الْجَاثِيَةِ اهـ. وَهَذَا إِنَّمَا يَرِدُ لَوْ كَانَ تَرْتِيبُ مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ كَتَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّ تَرْتِيبَ السُّوَرِ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ يُغَايِرُ التَّرْتِيبَ فِي الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ، فَلَعَلَّ هَذَا مِنْهَا وَيَكُونُ أَوَّلُ الْمُفَصَّلِ عِنْدَهُ أَوَّلُ الْجَاثِيَةِ وَالدُّخَانُ مُتَأَخِّرَةٌ فِي تَرْتِيبِهِ عَنِ الْجَاثِيَةِ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ أَجَابَ النَّوَوِيُّ عَلَى طَرِيقِ التَّنَزُّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: عِشْرِينَ مِنْ أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ أَيْ مُعْظَمُ الْعِشْرِينَ.

الحديث الثاني: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي تَفْسِيرِ الْقِيَامَةِ، وَجَرِيرٌ الْمَذْكُورُ فِي إِسْنَادِهِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِخِلَافِ الَّذِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ فِيهِ: وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُسْتَمْلِيِّ هُنَا وَكَانَ مِمَّنْ يُحَرِّكُ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِيهِ لِلتَّبْعِيضِ وَمَنْ مَوْصُولَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ تَعْجِيلِهِ بِالتِّلَاوَةِ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ التَّأَنِّي فِيهِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلتَّرْتِيلِ. وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ وَفِيهِ كَانَ النَّبِيُّ يُرَتِّلُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلِ مِنْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي حَدِيثَ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: رَتِّلْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي فَإِنَّهُ زِينَةُ الْقُرْآنِ وَأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقَعَتْ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَأَخْرَجَهَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ

٢٩ - بَاب مَدِّ الْقِرَاءَةِ

٥٠٤٥ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ