للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَى مَنْ فَرَّقَ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِعْلٌ، وَإِذَا كَانَ لَا يُعْتَبَرُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، فَالْمُكْرَهُ لَا نِيَّةَ لَهُ، بَلْ نِيَّتُهُ عَدَمُ الْفِعْلِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ.

وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ التَّفْصِيلَ يُشْبِهُ مَا نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ لِأَنَّ الَّذِينَ أُكْرِهُوا إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْكَلَامِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ، فَلَمَّا لَمْ يَكُونُوا مُعْتَقِدِينَ لَهُ جُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يُؤَثِّرْ لَا فِي بَدَنٍ وَلَا مَالٍ، بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْبَدَنِ وَالْمَالِ، هَذَا مَعْنَى مَا حَكَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّهُمْ أُكْرِهُوا عَلَى النُّطْقِ بِالْكُفْرِ وَعَلَى مُخَالَطَةِ الْمُشْرِكِينَ وَمُعَاوَنَتِهِمْ وَتَرْكِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ.

وَالتُّرُوكُ أَفْعَالٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَمْ يُؤَاخَذُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَاسْتَثْنَى الْمُعْظَمُ قَتْلَ النَّفْسِ فَلَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنِ الْقَاتِلِ وَلَوْ أُكْرِهَ لِأَنَّهُ آثَرَ نَفْسَهُ عَلَى نَفْسِ الْمَقْتُولِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُنَجِّيَ نَفْسَهُ مِنَ الْقَتْلِ بِأَنْ يَقْتُلَ غَيْرَهُ.

ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ مِنْ وَجْهٍ آخَرُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ وَزَادَ أَنَّهَا صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ الْحَدِيثَ.

وَفِيهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الْبَابِ وَزَادَ: وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ يَوْمَئِذٍ مِنْ مُضَرَ مُخَالِفُونَ لَهُ، وَفِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ فَذَكَرَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَالتَّعْرِيفُ بِالثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ هُنَا فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِمَشْرُوعِيَّةِ الْقُنُوتِ فِي النَّازِلَةِ وَمَحَلُّهُ فِي كِتَابِ الْوِتْرِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَقَوْلُهُ: وَالْمُسْتَضْعَفِينَ هُوَ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ وَتَعَلَّقَ الْحَدِيثُ بِالْإِكْرَاهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُكْرَهِينَ عَلَى الْإِقَامَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ الْمُسْتَضْعَفَ لَا يَكُونُ إِلَّا مُكْرَهًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْكُفْرِ لَوْ كَانَ كُفْرًا لَمَا دَعَا لَهُمْ وَسَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ.

١ - بَاب مَنْ اخْتَارَ الضَّرْبَ وَالْقَتْلَ وَالْهَوَانَ عَلَى الْكُفْرِ

٦٩٤١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ.

٦٩٤٢ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ سَمِعْتُ قَيْسًا سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ مُوثِقِي عَلَى الْإِسْلَامِ. وَلَوْ انْقَضَّ أُحُدٌ مِمَّا فَعَلْتُمْ بِعُثْمَانَ كَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ.

٦٩٤٣ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَقُلْنَا: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ