الرَّضَاعَةَ يحَرمُ منها مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ.
[الحديث ٢٦٤٦ - طرفاه في: ٣١٠٥، ٥٠٩٩]
٢٦٤٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: "دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ وَعِنْدِي رَجُلٌ قَالَ يَا عَائِشَةُ مَنْ هَذَا قُلْتُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ قَالَ يَا عَائِشَةُ انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ". تَابَعَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ"
[الحديث ٢٦٤٧ - طرفه في: ٥١٠٢]
قَوْلُهُ: (بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَنْسَابِ وَالرَّضَاعِ الْمُسْتَفِيضِ وَالْمَوْتِ الْقَدِيمِ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَعْقُودَةٌ لِشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ، وَذَكَرَ مِنْهَا النَّسَبَ وَالرَّضَاعَةَ وَالْمَوْتَ الْقَدِيمَ، فَأَمَّا النَّسَبُ فَيُسْتَفَادُ مِنْ أَحَادِيثِ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّهُ مِنْ لَازِمِهِ، وَقَدْ نُقِلَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ. وَأَمَّا الرَّضَاعَةُ فَيُسْتَفَادُ ثُبُوتُهَا بِالِاسْتِفَاضَةِ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ، فَإِنَّهَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ مُسْتَفِيضًا عِنْدَ مَنْ وَقَعَ لَهُ. وَأَمَّا الْمَوْتُ الْقَدِيمُ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ حُكْمُهُ بِالْإِلْحَاقِ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ، وَاحْتَرَزَ بِالْقَدِيمِ عَنِ الْحَادِثِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَدِيمِ مَا تَطَاوَلَ الزَّمَانُ عَلَيْهِ. وَحْدَّهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِخَمْسِينَ سَنَةً وَقِيلَ بِأَرْبَعِينَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ فِي الرَّضَاعِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ. وَثُوَيْبَةُ بِالْمُثَلَّثَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ مُصَغَّرَةٌ يَأْتِي هُنَاكَ ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ خَبَرِهَا وَخَبَرِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ضَابِطِ مَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالِاسْتِفَاضَةِ، فَتَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي النَّسَبِ قَطْعًا وَالْوِلَادَةِ، وَفِي الْمَوْتِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ وَالْوَقْفِ وَالْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ وَالنِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ، وَالتَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرُّشْدِ وَالسَّفَهِ وَالْمِلْكِ عَلَى الرَّاجِحِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَبَلَّغَهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِضْعَةً وَعِشْرِينَ مَوْضِعًا وَهِيَ مُسْتَوْفَاةٌ فِي قَوَاعِدِ الْعَلَائِيِّ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَجُوزُ فِي النَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالنِّكَاحِ وَالدُّخُولِ، وَكَوْنِهِ قَاضِيًا، زَادَ أَبُو يُوسُفَ وَالْوَلَاءِ زَادَ مُحَمَّدٌ وَالْوَقْفِ، قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: وَإِنَّمَا أُجِيزَ اسْتِحْسَانًا وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْمُشَاهَدَةِ، وَشَرْطُ قَبُولِهَا أَنْ يَسْمَعَهَا مِنْ جَمْعٍ يُؤَمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَقِيلَ: أَقَلُّ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ، وَقِيلَ: يَكْفِي مِنْ عَدْلَيْنِ، وَقِيلَ يَكْفِي مِنْ عَدْلٍ وَاحِدٍ إِذَا سَكَنَ الْقَلْبُ إِلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَالتَّثَبُّتِ فِيهِ) هُوَ بَقِيَّةُ التَّرْجَمَةِ. وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى قَوْلِهِ ﷺ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ آخِرَ الْبَابِ: انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ مِنَ الرَّضَاعَةِ الْحَدِيثَ.
ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا جَمِيعًا فِي الرَّضَاعِ آخِرَ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْإِسْنَادُ الثَّانِي كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ إِلَّا الصَّحَابِيَّ وَقَدْ سَكَنَهَا. وَالثَّالِثُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ إِلَّا شَيْخَهُ وَقَدْ دَخَلَهَا. وَالرَّابِعُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ إِلَّا عَائِشَةَ.
قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ: (تَابَعَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ) أَيْ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ رَوَى حَدِيثَ عَائِشَةَ عَنْ سُفْيَانَ بِإِسْنَادِهِ كَمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، وَرِوَايَةُ ابْنِ مَهْدِيٍّ مَوْصُولَةٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبِي يَعْلَى، وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي أَفْلَحَ هَلْ كَانَ عَمَّ عَائِشَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَوْ كَانَ أَبَاهَا؟
٨ - باب شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَالسَّارِقِ وَالزَّانِي
وَقَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلا الَّذِينَ تَابُوا﴾