مَعْصِيَةٍ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: وَجْهُ تَعَلُّقِ هَذَا الْحَدِيثِ بِالتَّرْجَمَةِ وَالتَّرْجَمَةِ بِالِاسْتِئْذَانِ أَنَّ الدَّاعِيَ إِلَى الْقِمَارِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَنْزِلِ، ثُمَّ لِكَوْنِهِ يَتَضَمَّنُ اجْتِمَاعَ النَّاسِ وَمُنَاسَبَةُ بَقِيَّةِ حَدِيثِ الْبَابِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْحَلِفَ بِاللَّاتِ لَهْوٌ يَشْغَلُ عَنِ الْحَقِّ بِالْخَلْقِ، فَهُوَ بَاطِلٌ. انْتَهَى.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا قَدَّمَ تَرْجَمَةَ تَرْكِ السَّلَامِ عَلَى مَنِ اقْتَرَفَ ذَنْبًا أَشَارَ إِلَى تَرْكِ الْإِذْنِ لِمَنْ يَشْتَغِلُ بِاللَّهْوِ عَنِ الطَّاعَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ الْبَابِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ وَالنَّجْمِ قَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ: هَذَا الْحَرْفُ تَعَالَ أُقَامِرْكَ لَا يَرْوِيهِ أَحَدٌ إِلَّا الزُّهْرِيُّ، وَلِلزُّهْرِيِّ نَحْوُ تِسْعِينَ حَرْفًا لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِأَسَانِيدَ جِيَادٍ.
قُلْتُ: وَإِنَّمَا قَيَّدَ التَّفَرُّدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَ أُقَامِرْكَ لِأَنَّ لِبَقِيَّةِ الْحَدِيثِ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، يُسْتَفَادُ مِنْهُ سَبَبُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ، قَالَ: كُنَّا حَدِيثِي عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ فَحَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَانْفُثْ عَنْ شِمَالِكِ، وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ، ثُمَّ لَا تَعُدْ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَلْيَقُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَى آخِرِ الذِّكْرِ الْمَذْكُورِ إِلَى قَوْلِهِ: قَدِيرٌ وَيَحْتَمِلُ الِاكْتِفَاءُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ لِأَنَّهَا كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ وَالزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ تَأْكِيدٌ.
٥٣ - بَاب مَا جَاءَ فِي الْبِنَاءِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِذَا تَطَاوَلَ رِعَاة الْبَهْمِ فِي الْبُنْيَان
٦٣٠٢ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: رَأَيْتُنِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بَنَيْتُ بِيَدِي بَيْتًا يُكِنُّنِي مِنْ الْمَطَرِ، وَيُظِلُّنِي مِنْ الشَّمْسِ مَا أَعَانَنِي عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ.
٦٣٠٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌو: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ، وَلَا غَرَسْتُ نَخْلَةً مُنْذُ قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ. قَالَ سُفْيَانُ: فَذَكَرْتُهُ لِبَعْضِ أَهْلِهِ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ بَنَى بيتا، قَالَ سُفْيَانُ: قُلْتُ: فَلَعَلَّهُ قَالَ: قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ.
قَوْلُهُ: بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبِنَاءِ أَيْ مِنْ مَنْعٍ وَإِبَاحَةٍ، وَالْبِنَاءُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِطِينٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ بِخَشَبٍ أَوْ مِنْ قَصَبٍ أَوْ مِنْ شَعْرٍ.
قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الْبَهْمِ فِي الْبُنْيَانِ، كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَمِّ الرَّاءُ وَبِهَاءِ تَأْنِيثٍ فِي آخِرِهِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ رِعَاءُ بِكَسْرِ الرَّاءُ وَبِالْهَمْزِ مَعَ الْمَدِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ مَوْصُولًا مُطَوَّلًا مَعَ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَأَشَارَ بِإِيرَادِ هَذِهِ الْقِطْعَةِ إِلَى ذَمِّ التَّطَاوُلِ فِي الْبُنْيَانِ، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ نَظَرٌ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَمِّ تَطْوِيلِ الْبِنَاءِ صَرِيحًا مَا أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ رِوَايَةِ عُمَارَةَ بْنِ عَامِرٍ: إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ بِنَاءً فَوْقَ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ نُودِيَ يَا فَاسِقُ إِلَى أَيْنَ؟ وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ مَعَ كَوْنِهِ مَوْقُوفًا.
وَفِي ذَمِّ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا حَدِيثُ خَبَّابٍ رَفَعَهُ قَالَ: يُؤْجَرُ الرَّجُلُ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إِلَّا التُّرَابَ أَوْ قَالَ الْبِنَاءَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَأَخْرَجَ لَهُ شَاهِدًا عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ إِلَّا الْبِنَاءَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَفَعَهُ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ