للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التَّحْرِيمُ، وَمَعْنَى إِلَّا خَطَأً بِأَنْ عَرَفَهُ بِالْكُفْرِ فَقَتَلَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مُؤْمِنًا، وَقِيلَ نُصِبَ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ أَيْ لَا يَقْتُلُهُ لِشَيْءٍ أَصْلًا إِلَّا لِلْخَطَأ، أَوْ حَالٌ أَيْ إِلَّا فِي حَالِ الْخَطَأ، أَوْ هُوَ نَعْتُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إِلَّا قَتْلًا خَطَأً، وَقِيلَ إِلَّا هُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ وَجَوَّزَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَيَّدَهُ الْفَرَّاءُ بِشَرْطٍ مَفْقُودٍ هُنَا فَلِذَلِكَ لَمْ يُجِزْهُ هُنَا.

وَاسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ مِنَ الْمُسْلِمِ مُخْتَصٌّ بِقَتْلِهِ الْمُسْلِمَ فَلَوْ قَتَلَ كَافِرًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٍ سَوَاءً كَانَ حَرْبِيًّا أَمْ غَيْرَ حَرْبِيٍّ لِأَنَّ الْآيَاتِ بَيَّنَتْ أَحْكَامَ الْمَقْتُولِينَ عَمْدًا ثُمَّ خَطَأً فَقَالَ فِي الْحَرْبِيِّ: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ ثُمَّ قَالَ فِيمَنْ لَهُمْ مِيثَاقٌ: ﴿فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا﴾ وَقَالَ فِيمَنْ عَاوَدَ الْمُحَارَبَةَ: ﴿فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ﴾ وَقَالَ فِي الْخَطَأ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً﴾ فَكَانَ مَفْهُومُهَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْكَافِرَ عَمْدًا فَخَرَجَ الذِّمِّيُّ بِمَا ذُكِرَ قَبْلَهَا، وَجَعَلَ فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ خَطَأً الدِّيَةَ وَالْكَفَّارَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي قَتْلِ الْكَافِرِ، فَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ لَا يَجِبُ فِي قَتْلِ الْكَافِرِ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا شَيْءٌ، وَأَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا﴾ وَإِسْحَاقُ فِي أَوَّلِ السَّنَدِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: لَمْ أَجِدْهُ مَنْسُوبًا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ مَنْصُورٍ.

قُلْتُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ رَاهْوَيْهِ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ عَنْ حِبَّانَ بْنِ هِلَالٍ شَيْخِ إِسْحَاقَ هُنَا.

١٢ - بَاب إِذَا أَقَرَّ بِالْقَتْلِ مَرَّةً قُتِلَ بِهِ

٦٨٨٤ - حَدَّثَنا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا؟ أَفُلَانٌ. . أَفُلَانٌ؟ حَتَّى سُمِّيَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَجِيءَ بِالْيَهُودِيِّ، فَاعْتَرَفَ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ فَرُضَّ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ. وَقَدْ قَالَ هَمَّامٌ: بِحَجَرَيْنِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا أَقَرَّ بِالْقَتْلِ مَرَّةً قُتِلَ بِهِ) كَذَا لَهُمْ، وَأَمَّا النَّسَفِيُّ فَعَطَفَ بِدُونِ بَابٍ فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ خَطَأً الْآيَةَ، وَإِذَا أَقَرَّ إِلَخْ، وَذَكَرُوا كُلُّهُمْ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِيِّ وَالْجَارِيَةِ وَيَحْتَاجُ إِلَى مُنَاسَبَتِهِ لِلْآيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ أَصْلًا فَالصَّوَابُ صَنِيعُ الْجَمَاعَةِ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: حَكَمَ اللَّهُ فِي الْمُؤْمِنِ يَقْتُلُ الْمُؤْمِنَ خَطَأً بِالدِّيَةِ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ فَقِيلَ الْمُرَادُ كَافِرٌ وَلِعَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ مِنْ أَجْلِ الْعَهْدِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالزَّهْرِيِّ، وَقِيلَ مُؤْمِنٌ جَاءَ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ.

قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ اللَّهَ أَطْلَقَ الْمِيثَاقَ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْمَقْتُولِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ كَمَا قَالَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ، وَيَتَرَجَّحُ أَيْضًا حَيْثُ ذَكَرَ الْمُؤْمِنَ ذَكَرَ الدِّيَةَ وَالْكَفَّارَةَ مَعًا وَحَيْثُ ذَكَرَ الْكَافِرَ ذَكَرَ الْكَفَّارَةَ فَقَطْ وَهُنَا ذَكَرَ الدِّيَةَ وَالْكَفَّارَةَ مَعًا.

قَوْلُهُ فيه: (فَجِيءَ بِالْيَهُودِيِّ فَاعْتَرَفَ) فِي رِوَايَةِ هُدْبَةَ، عَنْ هَمَّامٍ: فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَقَرَّ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِيِّ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ أَنْ يَتَكَرَّرَ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ إِطْلَاقِ قَوْلِهِ: فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَاعْتَرَفَ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَدَدًا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى اشْتِرَاطِ تَكْرَارِ الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ مَرَّتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى اشْتِرَاطِ تَكْرَارِ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا أَرْبَعًا تَبَعًا لِعَدَدِ الشُّهُودِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

١٣ - بَاب قَتْلِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ

٦٨٨٥ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ