للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكُفَّارِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي حَدِيثِ بَعْثِ النَّارِ، قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّرَاعِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَعَارَفِ، وَقِيلَ: هُوَ الذِّرَاعُ الْمَلَكِيُّ، وَمَنْ تَأَمَّلَ الْحَالَةَ الْمَذْكُورَةَ عَرَفَ عِظَمَ الْهَوْلِ فِيهَا، وَذَلِكَ أَنَّ النَّارَ تَحُفُّ بِأَرْضِ الْمَوْقِفِ، وَتُدْنَى الشَّمْسُ مِنَ الرُّءُوسِ قَدْرَ مِيلٍ، فَكَيْفَ تَكُونُ حَرَارَةُ تِلْكَ الْأَرْضِ، وَمَاذَا يَرْوِيهَا مِنَ الْعَرَقِ حَتَّى يَبْلُغَ مِنْهَا سَبْعِينَ ذِرَاعًا مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَجِدُ إِلَّا قَدْرَ مَوْضِعِ قَدَمِهِ، فَكَيْفَ تَكُونُ حَالَةُ هَؤُلَاءِ فِي عَرَقِهِمْ مَعَ تَنَوُّعِهِمْ فِيهِ، إِنَّ هَذَا لَمِمَّا يَبْهَرُ الْعُقُولَ وَيَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ الْقُدْرَةِ وَيَقْتَضِي الْإِيمَانَ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ أَنْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ فِيهَا مَجَالٌ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهَا بِعَقْلٍ وَلَا قِيَاسٍ وَلَا عَادَةٍ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْقَبُولِ وَيَدْخُلُ تَحْتَ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ، وَمَنْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ دَلَّ عَلَى خُسْرَانِهِ وَحِرْمَانِهِ.

وَفَائِدَةُ الْإِخْبَارِ بِذَلِكَ أَنْ يَتَنَبَّهَ السَّامِعُ فَيَأْخُذَ فِي الْأَسْبَابِ الَّتِي تُخَلِّصُهُ مِنْ تِلْكَ الْأَهْوَالِ، وَيُبَادِرَ إِلَى التَّوْبَةِ مِنَ التَّبِعَاتِ، وَيَلْجَأَ إِلَى الْكَرِيمِ الْوَهَّابِ فِي عَوْنِهِ عَلَى أَسْبَابِ السَّلَامَةِ، وَيَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ فِي سَلَامَتِهِ مِنْ دَارِ الْهَوَانِ، وَإِدْخَالِهِ دَارَ الْكَرَامَةِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.

٤٨ - بَاب الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهِيَ الْحَاقَّةُ لِأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ الْأُمُورِ

الْحَقَّةُ وَالْحَاقَّةُ وَاحِدٌ وَالْقَارِعَةُ وَالْغَاشِيَةُ وَالصَّاخَّةُ وَالتَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ

٦٥٣٣ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ ﵁ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ في الدِّمَاءِ.

[الحديث ٦٥٣٣ - طرفه في: ٦٨٦٤]

٦٥٣٤ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: "مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ"

٦٥٣٥ - حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ﴾ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيِّ "أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ﵁ قَالَ قال رسول الله ﷺ: "يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَاحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا"

قَوْلُهُ: بَابُ الْقِصَاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْقِصَاصُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِمُهْمَلَتَيْنِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقَصِّ وَهُوَ الْقَطْعُ، أَوْ مِنِ اقْتِصَاصِ الْأَثَرِ وَهُوَ تَتَبُّعُهُ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَصَّ يَتَتَبَّعُ جِنَايَةَ الْجَانِي لِيَأْخُذَ مِثْلَهَا، يُقَالُ اقْتَصَّ مِنْ غَرِيمِهِ وَاقْتَصَّ الْحَاكِمُ لِفُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ.

قَوْلُهُ: وَهِيَ الْحَاقَّةُ الضَّمِيرُ لِلْقِيَامَةِ.

قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ؛ وَحَوَاقَّ الْأُمُورِ الْحَقَّةُ وَالْحَاقَّةُ وَاحِدٌ هَذَا أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْفَرَّاءِ، قَالَ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ الْحَاقَّةُ الْقِيَامَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ فِيهَا