لَا يَحِلُّ فَهُوَ مُطَالَبٌ بِذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا لَمْ نَرَهُ فِي الْبُخَارِيِّ.
قُلْتُ: بَلْ هُوَ فِيهِ بِالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: إِذَا مَا رَبُّ النَّعَمِ لَمْ يُعْطِ حَقَّهَا فَهَذَا هُوَ مَانِعُ الزَّكَاةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِذَا بَلَغَتِ الْإِبِلُ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ وَهَبَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَاعَهَا فِرَارًا أَوِ احْتِيَالًا لِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَتْلَفَهَا فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ) تَقَدَّمَتِ الْمُنَازَعَةُ فِي صُورَةِ الْإِتْلَافِ قَرِيبًا، وَأَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الْمَالَ إِنَّمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مَا دَامَ وَاجِبًا فِي الذِّمَّةِ أَوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْحُقُوقِ، وَهَذَا الَّذِي مَاتَ لَمْ يَبْقَ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ يَجِبُ عَلَى وَرَثَتِهِ وَفَاؤُهُ، وَالْكَلَامُ إِنَّمَا هُوَ فِي حِلِّ الْحِيلَةِ لَا فِي لُزُومِ الزَّكَاةِ إِذَا فَرَّ.
قُلْتُ: وَحَرْفُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إِذَا قَصَدَ بِبَيْعِهَا الْفِرَارَ مِنَ الزَّكَاةِ أَوْ بِهِبَتِهَا الْحِيلَةَ عَلَى إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَمَنْ قَصْدُهُ أَنْ يَسْتَرْجِعَهَا بَعْدُ كَمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ آثِمٌ بِهَذَا الْقَصْدِ لَكِنْ هَلْ يُؤَثِّرُ هَذَا الْقَصْدُ فِي إِبْقَاءِ الزَّكَاةِ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يُعْمَلُ بِهِ مَعَ الْإِثْمِ؟ هَذَا مَحَزُّ الْخِلَافِ، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَةَ فُرُوعٍ يَجْمَعُهَا حُكْمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا زَالَ مِلْكُهُ عَمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَبْلَ الْحَوْلِ سَقَطَتِ الزَّكَاةُ سَوَاءٌ كَانَ لِقَصْدِ الْفِرَارِ مِنَ الزَّكَاةِ أَمْ لَا، ثُمَّ أَرَادَ بِتَفْرِيعِهَا عَقِبَ كُلِّ حَدِيثٍ التَّشْنِيعَ بِأَنَّ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ خَالَفَ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ، انْتَهَى.
وَمِنَ الْحِيَلِ فِي إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ أَنْ يَنْوِيَ بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ الْقُنْيَةَ قَبْلَ الْحَوْلِ فَإِذَا دَخَلَ الْحَوْلُ الْآخَرُ اسْتَأْنَفَ التِّجَارَةَ حَتَّى إِذَا قَرُبَ الْحَوْلُ أَبْطَلَ التِّجَارَةَ وَنَوَى الْقُنْيَةَ وَهَذَا يَأْثَمُ جَزْمًا، وَالَّذِي يَقْوَى أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنْهُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
٤ - بَاب الْحِيلَةِ فِي النِّكَاحِ
٦٩٦٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ الشِّغَارِ. قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا الشِّغَارُ؟ قَالَ: يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنْ احْتَالَ حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَى الشِّغَارِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَقَالَ فِي الْمُتْعَةِ: النِّكَاحُ فَاسِدٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُتْعَةُ وَالشِّغَارُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.
٦٩٦١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا "أَنَّ عَلِيًّا ﵁ قِيلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِمُتْعَةِ النِّسَاءِ بَأْسًا. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ". وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنْ احْتَالَ حَتَّى تَمَتَّعَ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute