للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ; إِذْ لَا يَخْلُو الْمَنْبُوذُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ حُرَّةٍ فَلَا يُسْتَرَقُّ، أَوِ ابْنَ أَمَةِ قَوْمٍ فَمِيرَاثُهُ لَهُمْ، فَإِذَا جُهِلَ وُضِعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا رِقَّ عَلَيْهِ لِلَّذِي الْتَقَطَهُ.

وَجَاءَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ اللَّقِيطَ مَوْلَى مَنْ شَاءَ، وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنْ يُعْقَلَ عَنْهُ فَلَا يُنْتَقَلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَمَّنْ عُقِلَ عَنْهُ، وَقَدْ خَفِيَ كُلُّ هَذَا عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَقَالَ: ذِكْرُ مِيرَاثِ اللَّقِيطِ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرٌ، وَلَا عَلَيْهِ دَلَالَةٌ، يُرِيدُ أَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ مُطَابِقٌ لِتَرْجَمَةِ إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمَا ذِكْرُ مِيرَاثِ اللَّقِيطِ، وَقَدْ جَرَى الْكِرْمَانِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: فَإِنْ قُلْتَ فَأَيْنَ ذِكْرُ مِيرَاثِ اللَّقِيطِ؟ قُلْتُ: هُوَ مَا تَرْجَمَ بِهِ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ إِيرَادُ الْحَدِيثِ فِيهِ.

قُلْتُ: وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا بِحَسَبِ تَدْقِيقِ النَّظَرِ وَمُنَاسَبَةِ إِيرَادِهِ فِي أَبْوَابِ الْمَوَارِيثِ فَبَيَانُهُ مَا قَدَّمْتُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ اللَّقِيطَ حُرٌّ إِلَّا رِوَايَةً عَنِ النَّخَعِيِّ، وَعَنْهُ كَالْجَمَاعَةِ، وَعَنْهُ كَالْمَنْقُولِ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ شُرَيْحٍ نَحْوُ الْأَوَّلِ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ.

قَوْلُهُ: (الْحَكَمُ) هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ، وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ، وَالْأَسْوَدُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ وَالثَّلَاثَةُ تَابِعِيُّونَ كُوفِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ الْحَكَمُ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا) هُوَ مَوْصُولٌ إِلَى الْحَكَمِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ مُدْرَجًا فِي الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ الْحَكَمُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، فَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْأَسْوَدَ قَالَهُ أَيْضًا فَهُوَ سَلَفُ الْحَكَمِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ الْحَكَمِ مُرْسَلٌ) أَيْ لَيْسَ بِمُسْنَدٍ إِلَى عَائِشَةَ رَاوِيَةِ الْخَبَرِ، فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ الْمَرْفُوعِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَأَيْتُهُ عَبْدًا) زَادَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ: وَقَوْلُ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَمْ يَصِلْهُ بِذِكْرِ عَائِشَةَ فِيهِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ; لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ رَآهُ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ حَضَرَ الْقِصَّةَ وَشَاهَدَهَا فَيَتَرَجَّحُ قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا، فَإِنَّ الْأَسْوَدَ لَمْ يَدْخُلِ الْمَدِينَةَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَأَمَّا الْحَكَمُ فَوُلِدَ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَهْرٍ طَوِيلٍ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ الْبُخَارِيِّ قَوْلُ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ جَوَازُ إِطْلَاقِ الْمُنْقَطِعِ فِي مَوْضِعِ الْمُرْسَلِ خِلَافًا لِمَا اشْتُهِرَ فِي الِاسْتِعْمَالِ مِنْ تَخْصِيصِ الْمُنْقَطِعِ بِمَا يَسْقُطُ مِنْهُ مِنْ أَثْنَاءِ السَّنَدِ وَاحِدٌ إِلَّا فِي صُورَةِ سُقُوطِ الصَّحَابِيِّ بَيْنَ التَّابِعِيِّ وَالنَّبِيِّ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى عِنْدَهُمُ الْمُرْسَلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِالتَّابِعِيِّ الْكَبِيرِ، فَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا: وَقَوْلُ الْحَكَمِ مُرْسَلٌ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي التَّابِعِيِّ الصَّغِيرِ أَيْضًا; لِأَنَّ الْحَكَمَ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ لِإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ، وَالْأَجْرُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَابِ مَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنَ الْوَلَاءِ.

٢٠ - بَاب مِيرَاثِ السَّائِبَةِ

٦٧٥٣ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ هُزَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ.

٦٧٥٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ لِتُعْتِقَهَا وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا وَلَاءَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ لِأُعْتِقَهَا وَإِنَّ أَهْلَهَا يَشْتَرِطُونَ وَلَاءَهَا فَقَالَ: أَعْتِقِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، أَوْ قَالَ: أَعْطَى الثَّمَنَ قَالَ: فَاشْتَرَتْهَا فَأَعْتَقَتْهَا، قَالَ: وَخُيِّرَتْ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَقَالَتْ: لَوْ أُعْطِيتُ كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ مَعَهُ، قَالَ الْأَسْوَدُ. وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، قَوْلُ الْأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَأَيْتُهُ عَبْدًا أَصَحُّ.