فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، قَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائتِ بِهِمْ.
[الحديث ٢٩٣٧ - طرفاه في: ٤٣٩٢، ٦٣٩٧]
قَوْلُهُ: (بَابُ الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأَلَّفَهُمْ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قُدُومِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ وَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ: اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ، وَقَوْلُهُ: لِيَتَأَلَّفَهُمْ مِنْ تَفَقُّهِ الْمُصَنِّفَ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ، وَأَنَّهُ ﷺ كَانَ تَارَةً يَدْعُو عَلَيْهِمْ وَتَارَةً يَدْعُو لَهُمْ، فَالْحَالَةُ الْأُولَى حَيْثُ تَشْتَدُّ شَوْكَتُهُمْ وَيَكْثُرُ أَذَاهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي قَبْلَ هَذَا بِبَابٍ، وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ نؤْمَنُ غَائِلَتُهُمْ وَيُرْجَى تَأَلُّفُهُمْ كَمَا فِي قِصَّةِ دَوْسٍ وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
١٠١ - بَاب دَعْوَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَعَلَى مَا يُقَاتَلُونَ عَلَيْهِ؟
وَمَا كَتَبَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى كِسْرَى، وَقَيْصَرَ وَالدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ
٢٩٣٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا ﵁ يَقُولُ: لَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ قِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
٢٩٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى حَرَّقَهُ فَحَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ".
قَوْلُهُ: (بَابُ دَعْوَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) أَيْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَقَوْلُهُ: (وَعَلَى مَا يُقَاتِلُونَ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ عَنْ عَلِيٍّ حَيْثُ قَالَ: تُقَاتِلُوهُمْ حتى يَكُونُوا مِثْلَنَا وَفِيهِ أَمْرُهُ ﷺ لَهُ بِالنُّزُولِ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ دُعَائِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ الْقِتَالُ، وَوَجْهُ أَخْذِهِ مِنْ حَدِيثَيِ الْبَابِ أَنَّهُ ﷺ كَتَبَ إِلَى الرُّومِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى مُقَاتَلَهِمْ.
قَوْلُهُ: (وَمَا كَتَبَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى كِسْرَى، وَقَيْصَرَ) قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْبَابِ مُسْنَدًا، وَقَوْلُهُ وَالدَّعْوَةُ قَبْلَ الْقِتَالِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ فِي إِغَارَةِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ عَلَى غِرَّةٍ، وَهُوَ مُتَخَرَّجٌ عِنْدَهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِاشْتِرَاطِ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ عَلَى أَنَّهُ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ خِلَافِيَّةٌ: فَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى اشْتِرَاطِ الدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْقِتَالِ، وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي بَدْءِ الْأَمْرِ قَبْلَ انْتِشَارِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ وُجِدَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لَمْ يُقَاتَلْ حَتَّى يُدْعَى، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَرُبَتْ دَارُهُ قُوتِلَ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ لِاشْتِهَارِ الْإِسْلَامِ، وَمَنْ بَعُدَتْ دَارُهُ فَالدَّعْوَةُ أَقْطَعُ لِلشَّكِّ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ قَالَ: كُنَّا نَدْعُو وَنَدَعُ. قُلْتُ: وَهُوَ مُنَزَّلٌ عَلَى الْحَالَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute