يستحب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم أو الزينة، والبداءة باليسار في ضد ذلك كالدخول إلى الخلاء ونزع النعل والخف والخروج من المسجد والاستنجاء وغيره من جميع المستقذرات، وقد مر كثير هذا في كتاب الطهارة في شرح حديث عائشة: كان يعجبه التيمن، وقال الحليمي: وجه الابتداء بالشمال عند الخلع أن اللبس كرامة لأنه وقاية للبدن، فلما كانت اليمنى أكرم من اليسرى بدئ بها في اللبس وأخرت في الخلع لتكون الكرامة لها أدوم وحظها منها أكثر، قال ابن عبد البر: من بدأ بالانتعال في اليسرى أساء لمخالفة السنة، ولكن لا يحرم عليه لبس نعله، وقال غيره: ينبغي له أن ينزع النعل من اليسرى ثم يبدأ باليمنى، ويمكن أن يكون مراد ابن عبد البر ما إذا لبسهما معا فبدأ باليسرى فإنه لا يشرع له أن ينزعهما ثم يلبسهما على الترتيب المأمور به إذ قد فات محله، ونقل عياض وغيره الإجماع على أن الأمر فيه للاستحباب، والله أعلم.
٤١ - بَاب قِبَالَانِ فِي نَعْلٍ، وَمَنْ رَأَى قِبَالًا وَاحِدًا وَاسِعًا
٥٨٥٧ - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ ﵁ أَنَّ نَعْلَي النَّبِيِّ ﷺ كَانَ لَهما قِبَالَانِ.
٥٨٥٨ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ: أخَرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ نَعْلَيْنِ لَهُمَا قِبَالَانِ، فَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: هَذِهِ نَعْلُ النَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قِبَالَانِ فِي نَعْلٍ) أَيْ فِي كُلِّ فَرْدَةٍ (وَمَنْ رَأَى قِبَالًا وَاحِدًا وَاسِعًا) أَيْ جَائِزٌ. الْقِبَالُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ لَامٌ هُوَ الزِّمَامُ وَهُوَ السَّيْرُ الَّذِي يُعْقَدُ فِيهِ الشِّسْعُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ إِصْبَعَيِ الرِّجْلَ.
قَوْلُهُ: (هَمَّامٌ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ عَلَى الْفَرَبْرِيِّ، هِشَامٌ بَدَلَ هَمَّامٍ ; وَالَّذِي عِنْدَ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (إِنَّ نَعْلَيِ النَّبِيِّ ﷺ) وَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْإِفْرَادِ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ: لَهُمَا.
قَوْلُهُ: (قِبَالَانِ) زَادَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَفَّانَ، عَنْ هَمَّامٍ مِنْ سِبْتٍ لَيْسَ عَلَيْهِمَا شَعْرٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ عَفَّانَ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَقَوْلُهُ: سِبْتٌ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ.
قَوْلُهُ: (عِيسَى بْنُ طَهْمَانَ قَالَ: أخَرَجَ إِلَيْنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ نَعْلَيْنِ لَهُمَا قِبَالَانِ، فَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: هَذِهِ نَعْلُ النَّبِيِّ ﷺ) هَذَا مُرْسَلٌ قَالَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ. قُلْتُ: صُورَتَهُ الْإِرْسَالُ لِأَنَّ ثَابِتًا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّ أَنَسًا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ ثَابِتٌ قَالَهُ بِحَضْرَةِ أَنَسٍ وَأَقَرَّهُ أَنَسٌ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ أَخْذُ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ لَهُ عَنْ أَنَسٍ عَرَضًا، لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْخَمْسِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَهْمَانَ بِمَا يَنْفِي هَذَا الِاحْتِمَالَ، وَلَفْظُهُ أَخْرَجَ إِلَيْنَا أَنَسٌ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَتَيْنِ لَهُمَا قِبَالَانِ، فَحَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ بَعْدُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمَا نَعْلَا النَّبِيِّ ﷺ فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى، عَنْ أَنَسٍ إِخْرَاجُهُ النَّعْلَيْنِ فَقَطْ وَأَنَّ إِضَافَتَهُمَا لِلنَّبِيِّ ﷺ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، وَقَدْ أَشَارَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إِلَى أَنَّ إِخْرَاجَ طَرِيقِ أَبِي أَحْمَدَ أَوْلَى، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ أَنَّهَا تَقَدَّمَتْ هُنَاكَ، وَالْبُخَارِيُّ عَلَى عَادَتِهِ إِذَا صَحَّتِ الطَّرِيقُ مَوْصُولَةً لَا يَمْتَنِعُ مِنْ إِيرَادِ مَا ظَاهِرُهُ الْإِرْسَالُ اعْتِمَادًا عَلَى الْمَوْصُولِ، وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَتْ لِنَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قِبَالَانِ مُثَنًّى شِرَاكُهُمَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: دَلَالَةُ الْحَدِيثِ