وَلَيْسَ لِعَبْدِ اللَّهِ هَذَا فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فِي سَنَدِهِ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانِيِّ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحٍ قَالَ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أُسْقِطَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدَةَ مِنَ السَّنَدِ؛ هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْحَرَّانِيِّ، وَمِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَمِّهِ يَعْقُوبَ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: هَذَانِ ثِقَتَانِ رَوَيَاهُ هَكَذَا.
قُلْتُ: لَكِنْ سَعِيدٌ ثِقَةٌ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي الْمَغَازِي وَيَأْتِي شَيْءٌ مِنْهُ بَعْدَ أَبْوَابٍ. وَإِنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ذُكِرَ لِي عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ يُبَيَّنُ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَةِ هُنَاكَ أَنَّ الْمُبْهَمَ الْمَذْكُورَ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ الْمُهَلَّبُ: هَذِهِ الرُّؤْيَا لَيْسَتْ عَلَى وَجْهِهَا، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ ضَرْبِ الْمِثْلِ، وَإِنَّمَا أَوَّلَ النَّبِيُّ ﷺ السِّوَارَيْنِ بِالْكَذَّابَيْنِ لِأَنَّ الْكَذِبَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَلَمَّا رَأَى فِي ذِرَاعَيْهِ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَلَيْسَا مِنْ لُبْسِهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ حِلْيَةِ النِّسَاءِ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ مَنْ يَدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ، وَأَيْضًا فَفِي كَوْنِهِمَا مِنْ ذَهَبٍ وَالذَّهَبُ مَنْهِيٌّ عَنْ لُبْسِهِ دَلِيلٌ عَلَى الْكَذِبِ، وَأَيْضًا فَالذَّهَبُ مُشْتَقٌّ مِنَ الذَّهَابِ فَعُلِمَ أَنَّهُ شَيْءٌ يَذْهَبُ عَنْهُ، وَتَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي نَفْخِهِمَا فَطَارَا فَعُرِفَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمَا أَمْرٌ وَأَنَّ كَلَامَهُ بِالْوَحْيِ الَّذِي جَاءَ بِهِ يُزِيلُهُمَا عَنْ مَوْضِعِهِمَا وَالنَّفْخُ يَدُلُّ عَلَى الْكَلَامِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُبَيْدُ اللَّهِ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ خَبَرَ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ هُنَاكَ، وَذَكَرْتُ خَبَرَ مُسَيْلِمَةَ وَقَتْلِهِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَشَيْئًا مِنْ خَبَرِهِ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي أَيْضًا.
قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: كَانَ يُقَالُ لِلْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ ذُو الْحِمَارِ لِأَنَّهُ عَلَّمَ حِمَارًا إِذَا قَالَ لَهُ اسْجُدْ يَخْفِضُ رَأْسَهُ.
قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِلَفْظِ الثَّوْبِ الَّذِي يُخْتَمَرُ بِهِ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَوَقَّعُ بُطْلَانَ أَمْرِ مُسَيْلِمَةَ، وَالْعَنْسِيِّ فَأَوَّلَ الرُّؤْيَا عَلَيْهِمَا لِيَكُونَ ذَلِكَ إِخْرَاجًا لِلْمَنَامِ عَلَيْهِمَا وَدَفْعًا لِحَالِهِمَا، فَإِنَّ الرُّؤْيَا إِذَا عُبِرَتْ خَرَجَتْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِوَحْيٍ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى، كَذَا قَالَ.
٣٩ - بَاب إِذَا رَأَى بَقَرًا تُنْحَرُ
٧٠٣٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى أُرَاهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرٌ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمْ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ به مِنْ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ بِهِ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا رَأَى بَقَرًا تُنْحَرُ) كَذَا تَرْجَمَ بِقَيْدِ النَّحْرِ، وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي مُوسَى، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ.
حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ أَوْرَدَهُ بِهَذَا السَّنَدِ بِتَمَامِهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، وَفَرَّقَ مِنْهُ فِي الْمَغَازِي بِهَذَا السَّنَدِ أَيْضًا، وَعَلَّقَ فِيهَا مِنْهُ قِطْعَةً فِي الْهِجْرَةِ فَقَالَ: وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute