بِالْبَابِ قَوْلُهُ: لَمَسْتُمْ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْكُوفِيِّينَ؛ حَمْزَةَ، وَالْكِسَائِيِّ، وَالْأَعْمَشِ، وَيَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، وَخَالَفَهُمْ عَاصِمٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ فَوَافَقَ أَهْلَ الْحِجَازِ فَقَرَءُوا: (أَوْ لَامَسْتُمْ) بِالْأَلِفِ وَوَافَقَهُمْ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ.
ثم ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ التَّيَمُّمِ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ ﷺ، وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ﷺ صَلَّى أَوَّلَ مَا نَزَلَ ثُمَّ نَامَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّهَجُّدَ الْقِيَامُ إِلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ هَجْعَةٍ، ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ هَجَعَ فَلَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّ قَلْبَهُ لَا يَنَامُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ثُمَّ نَامَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٤ - بَاب ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾
٤٦٠٩ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ: شَهِدْتُ مِنْ الْمِقْدَادِ ح.
وَحَدَّثَنِي حَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا الْأَشْجَعُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ الْمِقْدَادُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾ وَلَكِنْ امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ، فَكَأَنَّهُ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُخَارِقٍ عَنْ طَارِقٍ أَنَّ الْمِقْدَادَ قَالَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ﴾ كَذَا لِلْمُسْتَمْلِيِّ، وَلِغَيْرِهِ: بَابُ فَاذْهَبْ إِلَخْ، وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: ﴿وَرَبُّكَ﴾ أَخُوهُ هَارُونُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهُ سِنًّا، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ كُلِّهِمْ.
قَوْلُهُ: (وَحَدَّثَنِي حَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ) هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ وَاسْمُهُ أَحْمَدُ، وَحَمْدَانُ لَقَبُهُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ، وَهُوَ مِنْ صِغَارِ شُيُوخِهِ، وَعَاشَ بَعْدَ الْبُخَارِيِّ سَنَتَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْحَدِيثِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ.
قَوْلُهُ: (وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ إِلَخْ) يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ صُورَةَ سِيَاقِهِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ، بِخِلَافِ سِيَاقِ الْأَشْجَعِيِّ، لَكِنِ اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ لِرِوَايَةِ الْأَشْجَعِيِّ الْمَوْصُولَةِ بِرِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي ذَكَرَهَا قَبْلُ. وَطَرِيقُ وَكِيعٍ هَذِهِ وَصَلَهَا أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا عَنْهُ، وَكَذَا أَخْرَجَهَا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ طَرِيقِهِ.
(تَنْبِيهٌ): وَقَعَ قَوْلُهُ: وَرَوَاهُ وَكِيعٌ إِلَخْ مُقَدَّمًا فِي الْبَابِ عَلَى بَقِيَّةِ مَا فِيهِ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ، مُؤَخَّرًا عِنْدَ الْبَاقِينَ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ.
٥ - بَاب ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا﴾ - إِلَى قَوْلِهِ: - ﴿أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ﴾ الآية، الْمُحَارَبَةُ لِلَّهِ: الْكُفْرُ بِهِ
٤٦١٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا خَلْفَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرُوا وَذَكَرُوا، فَقَالُوا، وَقَالُوا: قَدْ أَقَادَتْ بِهَا الْخُلَفَاءُ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي قِلَابَةَ وَهْوَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ؟ - أَوْ قَالَ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلَابَةَ؟ - قُلْتُ: مَا عَلِمْتُ نَفْسًا حَلَّ قَتْلُهَا فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا