زِيَادَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْغَلَطِ الْمَحْضِ، وَمَا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى مَوْضِعَيْنِ هَذَا أَحَدُهُمَا. قَوْلُهُ (ابْنُ أَبِي الْفُدَيْكِ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأَكْثَرُ مَا يَرِدُ بِغَيْرِ أَلْفٍ وَلَامٍ.
قَوْلُهُ (كُنْتُ أَلْزَمُ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَأَوَّلُهُ يَقُولُ النَّاسُ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ (لِشِبَعِ بَطْنِي) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِشِبَعِ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ، فَإِنَّ الَّذِي بِالْبَاءِ يُشْعِرُ بِالْمُعَاوَضَةِ لَكِنَّ رِوَايَةَ اللَّامِ لَا تَنْفِيهَا.
قَوْلُهُ (وَلَا أَلْبَسُ الْحَرِيرَ) كَذَا هُنَا لِلْجَمِيعِ. وَتَقَدَّمَ فِي الْمَنَاقِبِ بِلَفْظِ الْحَبِيرِ بِالْمُوَحَّدَةِ بَدَلَ الرَّاءِ الْأُولَى، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِرَاءَيْنِ، وَقَالَ عِيَاضٌ: هُوَ بِالْمُوَحَّدَةِ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ، وَالْأَصِيلِيِّ، وَعَبْدُوسٍ، وَكَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْحَمَوِيِّ وَكَذَا هُوَ لِلنَّسَفِيِّ، وَلِلْبَاقِينَ بِرَاءَيْنِ كَالَّذِي هُنَا، وَرَجَّحَ عِيَاضٌ الرِّوَايَةَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَقَالَ: هُوَ الثَّوْبُ الْمُحَبَّرُ، وَهُوَ الْمُزَيَّنُ الْمُلَوَّنُ مَأْخُوذٌ مِنَ التَّحْبِيرِ وَهُوَ التَّحْسِينُ، وَقِيلَ الْحَبِيرُ ثَوْبُ وَشْيٍ مُخَطَّطٌ، وَقِيلَ هُوَ الْجَدِيدُ. وَإِنَّمَا كَانَتْ رِوَايَةُ الْحَرِيرِ مَرْجُوحَةً لِأَنَّ السِّيَاقَ يُشْعِرُ بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يَفْعَلُهُ، وَهُوَ كَانَ لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ لَا أَوَّلًا وَلَا آخِرًا، بِخِلَافِ أَكْلِهِ الْخَمِيرَ وَلُبْسِهِ الْحَبِيرَ فَإِنَّهُ صَارَ يَفْعَلُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ لَا يَجِدُهُ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَخْدِمُنِي فُلَانٌ وَفُلَانَةٌ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ هُوَ الَّذِي كَنَّى وَقَصَدَ الْإِبْهَامَ لِإِرَادَةِ التَّعْظِيمِ وَالتَّهْوِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَمَّى مُعَيَّنًا وَكَنَّى عَنْهُ الرَّاوِي. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَأَجِيرٌ لِابْنِ عَفَّانَ وَبِنْتِ غَزْوَانَ بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةِ رِجْلِي أَسُوقُ بِهِمْ إِذَا ارْتَحَلُوا وَأَخْدُمُهُمْ إِذَا نَزَلُوا، فَقَالَتْ لِي يَوْمًا، لَتَرِدَنَّ حَافِيًا وَلَتَرْكَبَنَّ قَائِمًا، فَزَوَّجَنِيهَا اللَّهُ تَعَالَى فَقُلْتُ لَهَا لَتَرِدِنَّ حَافِيَةً وَلَتَرْكَبِنَّ قَائِمَةً وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ، وَهُوَ فِي آخِرِ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ أَيْضًا وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سَلِيمِ بْنِ حَيَّانَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: نَشَأْتُ يَتِيمًا، وَهَاجَرْتُ مِسْكِينًا، كُنْتُ أَجِيرًا لِبُسْرَةَ بِنْتِ غَزْوَانَ الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ (وَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الْآيَةَ وَهِيَ مَعِي) تَقَدَّمَ شَرْحُ قِصَّتِهِ فِي ذَلِكَ مَعَ عُمَرَ فِي أَوَائِلِ الْأَطْعِمَةِ، وَقِصَّتُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ جَعْفَرٍ فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ.
قَوْلُهُ (وَخَيْرُ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ جَعْفَرٌ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْمَنَاقِبِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ جَعْفَرٌ يُحِبُّ الْمَسَاكِينَ وَيَجْلِسُ إِلَيْهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكَنِّيهِ أَبَا الْمَسَاكِينِ قُلْتُ: وَإِبْرَاهِيمُ الْمَخْزُومِيُّ هُوَ ابْنُ الْفَضْلِ وَيُقَالُ ابْنُ إِسْحَاقَ الْمَخْزُومِيُّ مَدَّنِيٌّ ضَعِيفٌ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ هَذَا الْكِتَابِ، وَقَدْ أَوْرَدْتُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْمَنَاقِبِ عَنِ التِّرْمِذِيِّ وَهِيَ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ أَيْضًا وَأَشَارَ إِلَى ضَعْفِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: مُنَاسَبَةُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ الْحَلْوَى تُطْلَقُ عَلَى الشَّيْءِ الْحُلْوِ، وَلَمَّا كَانَتِ الْعُكَّةُ يَكُونُ فِيهَا غَالِبًا الْعَسَلُ وَرُبَّمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ نَاسَبَ التَّبْوِيبَ. قُلْتُ: إِذَا كَانَ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الْعَسَلُ طَابَقَ التَّرْجَمَةَ لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرِ الْحَلْوَى وَالْعَسَلِ مَعًا، فَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ أَحَدُ رُكْنَيِ التَّرْجَمَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْتَمِلَ كُلُّ حَدِيثٍ فِي الْبَابِ عَلَى جَمِيعِ مَا تَضَمَّنَتْهُ التَّرْجَمَةُ بَلْ يَكْفِي التَّوْزِيعُ، وَإِطْلَاقُ الْحَلْوَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حُلْوٍ خِلَافُ الْعُرْفِ، وَقَدْ جَزَمَ الْخَطَّابِيُّ بِخِلَافِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ (فَنَشْتَفهَا) قَيَّدَهُ عِيَاضٌ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ، وَرَجَّحَ ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ بِالْقَافِ لِأَنَّ مَعْنَى الَّذِي بِالْفَاءِ أَنْ يَشْرَبَ مَا فِي الْإِنَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُمْ لَعِقُوا مَا فِي الْعُكَّةِ بَعْدَ أَنْ قَطَعُوهَا لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ.
٣٣ - بَاب الدُّبَّاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute