للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَتْ) أَيِ الْأُخْتُ، وَالْكَلْمَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ: جَمْعُ كَلِيمٍ أَيْ جَرِيحِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ جِلْبَابِهَا) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ، أَيْ تُعِيرُهَا مِنْ ثِيَابِهَا مَا لَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ تُشْرِكُهَا مَعَهَا فِي لُبْسِ الثَّوْبِ الَّذِي عَلَيْهَا، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى تَفْسِيرِ الْجِلْبَابِ - وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ - قِيلَ: هُوَ الْمُقَنَّعَةُ أَوِ الْخِمَارُ أَوْ أَعْرَضُ مِنْهُ، وَقِيلَ الثَّوْبُ الْوَاسِعُ يَكُونُ دُونَ الرِّدَاءِ، وَقِيلَ الْإِزَارُ، وَقِيلَ الْمِلْحَفَةُ، وَقِيلَ الْمُلَاءَةُ، وَقِيلَ الْقَمِيصُ.

قَوْلُهُ: (وَدَعْوَةُ الْمُسْلِمِينَ) - فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ أُمِّ عَطِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ) أَيْ أُمُّ عَطِيَّةَ (لَا تَذْكُرُهُ) أَيِ النَّبِيَّ (إِلَّا قَالَتْ: بِأَبِي) أَيْ هُوَ مُفَدًّى بِأَبِي، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدُوسٍ بِيَبِي بِبَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ بَدَلَ الْهَمْزَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَلِلْأَصِيلِيِّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ قَلْبِ الْهَمْزَةِ يَاءً - كَعَبْدُوسٍ - لَكِنْ فَتَحَ مَا بَعْدَهَا كَأَنَّهُ جَعَلَهُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَاحِدًا، وَنُقِلَ عَنِ الْأَصِيلِيِّ أَيْضًا كَالْأَصْلِ لَكِنَّهُ فَتَحَ الثَّانِيَةَ أَيْضًا، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَالِكٍ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ فِي شَوَاهِدِ التَّوْضِيحِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: قَوْلُهُ بَأْبَأَ أَصْلُهُ بِأَبِي هُوَ، يُقَالُ بَأْبَأْتُ الصَّبِيَّ إِذَا قُلْتُ لَهُ أَفْدِيكَ بِأَبِي فَقَلَبُوا الْيَاءَ أَلِفًا كَمَا فِي وَيْلَتَا.

قَوْلُهُ: (وَذَوَاتُ الْخُدُورِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ خِدْرٍ بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الدَّالِ، وَهُوَ سِتْرٌ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَقْعُدُ الْبِكْرُ وَرَاءَهُ، وَلِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ أَوِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ عَلَى الشَّكِّ، وَبَيْنَ الْعَاتِقِ وَالْبِكْرِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى) بِضَمِّ اللَّامِ هُوَ خَبَرٌ. بِمَعْنَى الْأَمْرِ، وَفِي رِوَايَةٍ وَيَعْتَزِلْنَ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى وَهُوَ نَحْو أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ. وَحَمَلَ الْجُمْهُورُ الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ عَلَى النَّدْبِ ; لِأَنَّ الْمُصَلَّى لَيْسَ بِمَسْجِدٍ فَيَمْتَنِعُ الْحُيَّضُ مِنْ دُخُولِهِ، وَأَغْرَبَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ: الِاعْتِزَالُ وَاجِبٌ، وَالْخُرُوجُ وَالشُّهُودُ مَنْدُوبٌ، مَعَ كَوْنِهِ نَقَلَ عَنِ النَّوَوِيِّ تَصْوِيبَ عَدَمِ وُجُوبِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: الْحِكْمَةُ فِي اعْتِزَالِهِنَّ أَنَّ فِي وُقُوفِهِنَّ وَهُنَّ لَا يُصَلِّينَ مَعَ الْمُصَلِّيَاتِ إِظْهَارَ اسْتِهَانَةٍ بِالْحَالِ. فَاسْتُحِبَّ لَهُنَّ اجْتِنَابُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ: آلْحُيَّضُ) بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ، كَأَنَّهَا تَتَعَجَّبُ مِنْ ذَلِكَ (فَقَالَتْ) أَيْ أُمُّ عَطِيَّةَ: (أَلَيْسَ تَشْهَدُ) أَيِ الْحُيَّضُ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَلَيْسَتْ وَلِلْأَصِيلِيِّ أَلَيْسَ يَشْهَدْنَ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا وَكَذَا) أَيْ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَغَيْرَهُمَا. وَفِيهِ أَنَّ الْحَائِضَ لَا تَهْجُرُ ذِكْرَ اللَّهِ وَلَا مَوَاطِنَ الْخَيْرِ كَمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ سِوَى الْمَسَاجِدِ، وَفِيهِ امْتِنَاعُ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ جِلْبَابٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي اسْتِيفَاؤُهُ فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٢٤ - بَاب إِذَا حَاضَتْ فِي شَهْرٍ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَمَا يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِي الْحَيْضِ وَالْحَمْلِ فِيمَا يُمْكِنُ مِنْ الْحَيْضِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾ وَيُذْكَرُ عَنْ عَلِيٍّ وَشُرَيْحٍ: أن امْرَأَةٌ جَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ بِطَانَةِ أَهْلِهَا مِمَّنْ يُرْضَى دِينُهُ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثًا فِي شَهْرٍ صُدِّقَتْ، وَقَالَ عَطَاءٌ أَقْرَاؤُهَا مَا كَانَتْ، وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: الْحَيْضُ يَوْمٌ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ، وَقَالَ مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ: سَأَلْتُ ابْنَ سِيرِينَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَرَى الدَّمَ بَعْدَ قُرْئِهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ؟ قَالَ: النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَمَا يُصَدَّقُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمَفْتُوحَةِ.

قَوْلُهُ: (فِيمَا يُمْكِنُ مِنَ الْحَيْضِ) أيْ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ لَمْ تُصَدَّقْ.

قَوْلُهُ: (لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى) يُشِيرُ إِلَى تَفْسِيرِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا خَلَقَ فِي أَرْحَامِهِنَّ