ابْنِ مَسْعُودٍ هُنَاكَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَهُنَا مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ.
قَوْلُهُ: (فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ) قَالَ الدَّاوُدِيُّ: خَشِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْ لَا يُجْزِئَ الْأَرْبَعُ فَاعِلَهَا وَتَبِعَ عُثْمَانَ كَرَاهَةً لِخِلَافِهِ وَأَخْبَرَ بِمَا يَعْتَقِدُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُرِيدُ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا تَكَلَّفَهَا فَلَيْتَهَا تُقْبَلُ كَمَا تُقْبَلُ الرَّكْعَتَانِ. انْتَهَى. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْغَيْبِ وَهَلْ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاتَهُ أَمْ لَا، فَتَمَنَّى أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ مِنَ الْأَرْبَعِ الَّتِي يُصَلِّيهَا رَكْعَتَانِ وَلَوْ لَمْ يُقْبَلِ الزَّائِدُ، وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ عِنْدَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَالرَّكْعَتَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا أَتَمَّ مُتَابَعَةً لِعُثْمَانَ وَلَيْتَ اللَّهَ قَبِلَ مِنِّي رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْأَرْبَعِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي أَبْوَابِ الْقَصْرِ وَعَلَى السَّبَبِ فِي إِتْمَامِ عُثْمَانَ بِمِنًى، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
٨٥ - بَاب صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ
١٦٥٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنَا سَالِمٌ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ: شَكَّ النَّاسُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ ﷺ فَبَعَثْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ.
[الحديث ١٦٥٨ - أطرافه في: ١٦٦١، ١٩٨٨، ٥٦٠٤، ٥٦١٨، ٥٦٣٦]
قَوْلُهُ: (بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ) يَعْنِي بِعَرَفَةَ، أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أُمِّ الْفَضْلِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَرْجَمَ لَهُ بِنَظِيرِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ سَوَاءٌ.
٨٦ - بَاب التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ
١٦٥٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - وَهُمَا غَادِيَانِ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ -: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ: كَانَ يُهِلُّ مِنَّا الْمُهِلُّ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ مِنَّا الْمُكَبِّرُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ التَّلْبِيَةِ وَالتَّكْبِيرِ إِذَا غَدَا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ) أَيْ مَشْرُوعِيَّتُهُمَا، وَغَرَضُهُ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: يَقْطَعُ الْمُحْرِمُ التَّلْبِيَةَ إِذَا رَاحَ إِلَى عَرَفَةَ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَابًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ) تَقَدَّمَ فِي الْعِيدَيْنِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ لِمُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ وَلَا غَيْرِهِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ وَقَدْ وَافَقَ أَنَسًا عَلَى رِوَايَتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ: (وَهُمَا غَادِيَانِ) أَيْ ذَاهِبَانِ غَدْوَةً.
قَوْلُهُ: (كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ) أَيْ مِنَ الذِّكْرِ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قُلْتُ لِأَنَسٍ غَدَاةَ عَرَفَةَ: مَا تَقُولُ فِي التَّلْبِيَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ؟
قَوْلُهُ: (فَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ لَا يَعِيبُ أَحَدُنَا عَلَى صَاحِبِهِ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمُشَارِ إِلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ: غَدَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ مِنَّا الْمُلَبِّي وَمِنَّا الْمُكَبِّرُ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ قَالَ - يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ - فَقُلْتُ لَهُ - يَعْنِي لِعُبَيْدِ اللَّهِ - عَجَبًا لَكُمْ كَيْفَ لَمْ تَسْأَلُوهُ؟ مَاذَا رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَصْنَعُ؟ وَأَرَادَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بِذَلِكَ الْوُقُوفَ عَلَى الْأَفْضَلِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالتَّلْبِيَةِ مِنْ تَقْرِيرِهِ لَهُمْ ﷺ عَلَى ذَلِكَ، فَأَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ مَا كَانَ يَصْنَعُ هُوَ