وَتَحْتَاجُ إِلَى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأَحْيَاءُ، بَلْ هِيَ مُجَرَّدُ إِعَادَةٍ لِفَائِدَةِ الِامْتِحَانِ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، فَهِيَ إِعَادَةٌ عَارِضَةٌ، كَمَا حَيِيَ خَلْقٌ لِكَثِيرٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لِمَسْأَلَتِهِمْ لَهُمْ عَنْ أَشْيَاءَ ثُمَّ عَادُوا مَوْتَى. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ جَوَازُ التَّحْدِيثِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِمَا وَافَقَ الْحَقَّ.
٨٧ - بَاب التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
١٣٧٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ﵃ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَدْ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، فَسَمِعَ صَوْتًا، فَقَالَ: يَهُودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا. وَقَالَ النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا عَوْنٌ، سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ ﵄، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ.
١٣٧٦ - حَدَّثَنَا مُعَلًّى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَتْنِي ابْنَةُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ "أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْر"
[الحديث ١٣٧٦ - طرفه في: ٦٣٦٤]
١٣٧٧ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُو وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ"
قَوْلُهُ: (بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: أَحَادِيثُ هَذَا الْبَابِ تَدْخُلُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْبَابَ الْأَوَّلَ مَعْقُودٌ لِثُبُوتِهِ رَدًّا عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ. وَالثَّانِي لِبَيَانِ مَا يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي مُدَّةِ الْحَيَاةِ مِنَ التَّوَسُّلِ إِلَى اللَّهِ بِالنَّجَاةِ مِنْهُ وَالِابْتِهَالِ إِلَيْهِ فِي الصَّرْفِ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا يَحْيَى) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ. وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي نَسَقٍ، أَوَّلُهُمْ أَبُو جُحَيْفَةَ.
قَوْلُهُ: (وَجَبَتِ الشَّمْسُ) أَيْ: سَقَطَتْ، وَالْمُرَادُ غُرُوبُهَا.
قَوْلُهُ: (فَسَمِعَ صَوْتًا) قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ صَوْتَ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ، أَوْ صَوْتَ الْيَهُودِ الْمُعَذَّبِينَ، أَوْ صَوْتَ وَقْعِ الْعَذَابِ. قُلْتُ: وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَوْنٍ بِهَذَا السَّنَدِ مُفَسَّرًا، وَلَفْظُهُ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَمَعِي كُوزٌ مِنْ مَاءٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ حَتَّى جَاءَ فَوَضَّأْتُهُ، فَقَالَ: أَتَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: أَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْيَهُودِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ.
قَوْلُهُ: (يَهُودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِهَا) هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ؛ أَيْ: هَذِهِ يَهُودُ، أَوْ هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْيَهُودُ قَبِيلَةٌ، وَالْأَصْلُ الْيَهُودِيُّونَ، فَحُذِفَتْ يَاءُ الْإِضَافَةِ، مِثْلُ زَنْجٌ وَزَنْجِيٌّ، ثُمَّ عُرِفَ عَلَى هَذَا الْحَدُّ فَجُمِعَ عَلَى قِيَاسِ شَعِيرٍ وَشَعِيرَةٍ، ثُمَّ عُرِفَ الْجَمْعُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ دُخُولُ الْأَلِفِ وَاللَّامِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةُ مُؤَنَّثٍ، فَجَرَى مَجْرَى الْقَبِيلَةِ، وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: إِنَّمَا تُعَذَّبُ الْيَهُودُ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْيَهُودَ تُعَذَّبُ بِيَهُودِيَّتِهِمْ ثَبَتَ تَعْذِيبُ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُمْ بِالشِّرْكِ أَشَدُّ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّضْرُ