الْحِنْثِ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ دُخُولِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، قَالَ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَمَّا سَلَّمُوا عِنْدَ دُخُولِهِمْ رَدَّتْ ﵈ وَهُوَ فِي جُمْلَتِهِمْ فَوَقَعَ الْحِنْثُ قَبْلَ أَنْ يَقْتَحِمَ الْحِجَابَ، انْتَهَى.
وَغَفَلَ عَمَّا وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ وَفِيهِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنِّي نَذَرْتُ وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ فَلَمْ يَزَالَا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ مَعَ أَنَّ التَّأْوِيلَ الَّذِي تَأَوَّلَهُ ابْنُ التِّينِ لَوْ لَمْ يَرُدَّ هَذَا التَّصْرِيحَ لَكَانَ مُتَعَقَّبًا، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ إِذَا نَوَتْ إِخْرَاجَهُ وَلَا تَحْنَثُ بِذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٣ - بَاب نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ
٣٥٠٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ عُثْمَانَ دَعَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ.
[الحديث ٣٥٠٦ - طرفاه في: ٤٩٨٤، ٤٩٨٧]
قَوْلُهُ: (بَابُ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ) أَوْرَدَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي أَمْرِ عُثْمَانَ بِكِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ، وَسَيَأْتِي مَبْسُوطًا مَشْرُوحًا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ. ووَجْهُ دُخُولِهِ فِي مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ ظَاهِرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٤ - بَاب نِسْبَةِ الْيَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ
مِنْهُمْ أَسْلَمُ بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ
٣٥٠٧ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ﵁، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ، فَقَالَ: ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ - لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ - فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ. فَقَالَ: مَا لَهُمْ؟ قَالُوا: وَكَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلَانٍ؟ قَالَ: ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ.
قَوْلُهُ: (بَابُ نِسْبَةِ الْيَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ) أَيِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ. وَنِسْبَةُ مُضَرَ وَرَبِيعَةَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْيَمَنُ فَجِمَاعُ نَسَبِهِمْ يَنْتَهِي إِلَى قَحْطَانَ، وَاخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ فَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ ابْنُ عَابِرِ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَشْخَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَقِيلَ هُوَ مِنْ وَلَدِ هُودٍ ﵇، وَقِيلَ ابْنُ أَخِيهِ. وَيُقَالُ: إِنَّ قَحْطَانَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَهُوَ وَالِدُ الْعَرَبِ الْمُتَعَرِّبَةِ، وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَهُوَ وَالِدُ الْعَرَبِ الْمُسْتَعْرِبَةِ، وَأَمَّا الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ فَكَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ، كَعَادٍ وَثَمُودَ وَطَسْمَ وَجَدِيسَ وَعَمْلِيقَ وَغَيْرِهِمْ.
وَقِيلَ: إِنَّ قَحْطَانَ أَوَّلُ مَنْ قِيلَ لَهُ: أَبَيْتَ اللَّعْنَ، وَعِمْ صَبَاحًا، وَزَعَمَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ إِلَى أَنَّ قَحْطَانَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَنَّهُ قَحْطَانُ بْنُ الْهَمَيْسَعِ بْنِ تَيْمِ بْنِ نَبْتِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ﵇، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي قِصَّةِ هَاجَرَ، حَيْثُ قَالَ وَهُوَ يُخَاطِبُ الْأَنْصَارَ: فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ هَذَا