قَتْلُ نَفْسِهِ وَهُوَ بِذَلِكَ عَاصٍ لَا كَافِرٍ، لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ اطَّلَعَ عَلَى كُفْرِهِ فِي الْبَاطِنِ أَوْ أَنَّهُ اسْتَحَلَّ قَتْلَ نَفْسِهِ، وَقَدْ يُتَعَجَّبُ مِنَ الْمُهَلَّبِ حَيْثُ قَالَ: إِنَّ حَدِيثَ الْبَابِ ضِدُّ مَا تَرْجَمَ بِهِ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّهُ قَالَ: لَا يُقَالُ فَلَانٌ شَهِيدٌ وَالْحَدِيثُ فِيهِ ضِدُّ الشَّهَادَةِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَأَمَّلْ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا قَرَّرْتُهُ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى.
٧٨ - بَاب التَّحْرِيضِ عَلَى الرَّمْيِ وَقَوْلِ اللَّهِ ﷿ ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾
٢٨٩٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ ﵁ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ارْمُوا وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ قَالَ: فَأَمْسَكَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا لَكُمْ لَا تَرْمُونَ؟ قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ؟ فقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ارْمُوا فَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ.
[الحديث ٢٨٩٩ - طرفاه في: ٣٣٧٣، ٣٥٠٧]
٢٩٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قال النبي ﷺ: "يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفَنَا لِقُرَيْشٍ وَصَفُّوا لَنَا إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالنَّبْلِ".
[الحديث ٢٩٠٠ - طرفاه في: ٣٩٨٤، ٣٩٨٥]
قَوْلُهُ: (بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى الرَّمْيِ وَقَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ الْآيَة لَمَّحَ بِمَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الْقُوَّةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهَا الرَّمْيُ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُقَبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَلَفْظُهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ ثَلَاثًا وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَفَعَهُ: أَنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةً الْجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ، وَالرَّامِيَ بِهِ، وَمُنْبِلَهُ. فَارْمُوا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ عِلْمِهِ رَغْبَةً عَنْهُ فَإِنَّهُ نِعْمَةٌ كَفَرَهَا وَلِمُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُقْبَةَ رَفَعَهُ: مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا أَوْ فَقَدْ عَصَى وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: فَقَدْ عَصَانِي، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِنَّمَا فَسَّرَ الْقُوَّةَ بِالرَّمْيِ وَإِنْ كَانَتِ الْقُوَّةُ تَظْهَرُ بِإِعْدَادِ غَيْرِهِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ لِكَوْنِ الرَّمْيِ أَشَدَّ نِكَايَةً فِي الْعَدُوِّ وَأَسْهَلَ مُؤْنَةً، لِأَنَّهُ قَدْ يَرْمِي رَأْسَ الْكَتِيبَةِ فَيُصَابُ فَيُهْزَمُ مَنْ خَلْفَهُ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ:
أَحَدُهُمَا حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ.
قَوْلُهُ: (مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ) أَيْ مِنْ بَنِي أَسْلَمَ الْقَبِيلَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَهِيَ بِلَفْظِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ مِنَ السَّلَامَةِ.
قَوْلُهُ: (يَنْتَضِلُونَ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَتَرَامَوْنَ، وَالتَّنَاضُلُ التَّرَامِي لِلسَّبْقِ، وَفَضُلَ فَلَانٌ فَلَانَا إِذَا غَلَبَهُ.
قَوْلُهُ: (وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْبَزَّارِ وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدرَعِ انْتَهَى، وَاسْمُ ابْنِ الْأَدْرَعِ، مِحْجَنٌ، وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ قَالَ فِيهِ: وَأَنَا مَعَ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ وَمَثَلُهُ فِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ أَخْرَجَهُ السَّرَّاجُ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْهُ، وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ لَهُ حَدِيثٌ آخَرُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ لِلْبُخَارِيِّ وَفِي أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَقِيلَ: اسْمُ ابْنِ الْأَدْرَعِ، سَلَمَةُ حَكَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ قَالَ: وَالْأَدْرَعُ لَقَبٌ