أَخِي - يَعْنِي عُمَرَ - أُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: قَالَ أَبِي: قَالَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِلَى قَوْلِهِ: نِفَاقًا قَالَ عَاصِمٌ: فَحَدَّثَنِي أَخِي عَنْ أَبِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّهُ نِفَاقًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَوَقَعَ فِي الْأَطْرَافِ لِلْمِزِّيِّ مَا نَصُّهُ خ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ بِهِ قَالَ: وَرَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ عَاصِمٍ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: «فَحَدَّثْتُ بِهِ أَخِي عُمَرَ فَقَالَ: إِنَّ أَبَاكَ كَانَ يَزِيدُ فِيهِ: فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ»
وَمِنْ قَوْلِهِ وَقَالَ مُعَاذٌ إِلَى آخِرِهِ: لَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو مَسْعُودٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَقَلَهُ مِنْ كِتَابِ خَلَفٍ، وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ لَنَا عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَلَا غَيْرِهِ عَنِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: عَقِبَ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ: عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ (عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ) هُوَ الْمِصْرِيُّ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ.
قَوْلُهُ (عَنْ عِرَاكٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَآخِرُهُ كَافٌ هُوَ ابْنُ مَالِكٍ الْغِفَارِيُّ الْمَدَنِيُّ، فَالسَّنَدُ دَائِرٌ بَيْنَ مِصْرِيٍّ وَمَدَنِيٍّ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الْوَجْهَيْنِ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَا قِيلَ فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مِنْ شَرِّ النَّاسِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ وَسَائِرُ فَوَائِدِهِ هُنَاكَ. وَتَعَرَّضَ ابْنُ بَطَّالٍ هُنَا لِذِكْرِ مَا يُعَارِضُ ظَاهِرَهُ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ لِلَّذِي اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ: بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ وَتَكَلَّمَ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ حَيْثُ ذَمَّهُ كَانَ لِقَصْدِ التَّعْرِيفِ بِحَالِهِ، وَحَيْثُ تَلَقَّاهُ بِالْبِشْرِ كَانَ لِتَأْلِيفِهِ أَوْ لِاتِّقَاءِ شَرِّهِ، فَمَا قَصَدَ بِالْحَالَتَيْنِ إِلَّا نَفْعَ الْمُسْلِمِينَ. وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَمْ يَصِفْهُ فِي حَالِ لِقَائِهِ بِأَنَّهُ فَاضِلٌ وَلَا صَالِحٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي بَابِ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ ﷺ فَاحِشًا مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ وَتَقَدَّمَ فِيهِ أَيْضًا بَيَانُ مَا يَجُوزُ مِنَ الِاغْتِيَابِ فِي بَابٍ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ.
٢٨ - بَاب الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ
٧١٨٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، أَنَّ هِنْدًا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَأَحْتَاجُ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ. قَالَ ﷺ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ.
قَوْلُهُ (الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ) أَيْ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ دُونَ حُقُوقِ اللَّهِ بِالِاتِّفَاقِ، حَتَّى لَوْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ عَلَى غَائِبٍ بِسَرِقَةٍ مَثَلًا، حُكِمَ بِالْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَجَازَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَجَمَاعَةٌ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ مَا يَكُونُ لِلْغَائِبِ فِيهِ حُجَجٌ كَالْأَرْضِ وَالْعَقَارِ إِلَّا إِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ أَوِ انْقَطَعَ خَبَرُهُ، وَأَنْكَرَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ صِحَّةَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ: الْعَمَلُ بِالْمَدِينَةِ عَلَى الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ غَابَ بَعْدَ أَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ قُضِيَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا مَنْ هَرَبَ أَوِ اسْتَتَرَ بَعْدَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَيُنَادِي الْقَاضِي عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَإِنْ جَاءَ وَإِلَّا أَنْفَذَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: أَجَازَهُ أَيْضًا ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَهُوَ أَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَمَنَعَهُ أَيْضًا الشَّعْبِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: وَاسْتَثْنَى أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ لَهُ وَكِيلٌ مَثَلًا، فَيَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَى وَكِيلِهِ وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ رَفَعَهُ: لَا تَقْضِي لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الْآخَرِ.
وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَبِحَدِيثِ الْأَمْرِ بِالْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي حَتَّى يَسْأَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute