حَقِّ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْلَى اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لِحُرْمَتِهَا جَمِيعًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ مَبَاحِثِ الرَّضَاعِ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٦ - بَاب عَمَلِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا
٥٣٦١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أَنَّ فَاطِمَةَ ﵉ أَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنْ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِقهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ، قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقَالَ: عَلَى مَكَانِكُمَا، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي، فَقَالَ: أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا - أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا - فَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ.
قَوْلُهُ: (بَابُ عَمَلِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عَلِيٍّ فِي طَلَبِ فَاطِمَةَ الْخَادِمَ، وَالْحُجَّةُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِيهِ: تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي أَوَائِلِ فَرْضِ الْخُمُسِ، وَأَنَّ شَرْحَهُ يَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَسَأَذْكُرُ شَيْئًا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا أَنَّ الَّذِي يُلَازِمُ ذِكْرَ اللَّهِ يُعْطَى قُوَّةً أَعْظَمَ مِنَ الْقُوَّةِ الَّتِي يَعْمَلُهَا لَهُ الْخَادِمُ، أَوْ تَسْهُلُ الْأُمُورُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُونُ تَعَاطِيهِ أُمُورَهُ أَسْهَلَ مِنْ تَعَاطِي الْخَادِمِ لَهَا، هَكَذَا اسْتَنْبَطَهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْحَدِيثِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ نَفْعَ التَّسْبِيحِ مُخْتَصٌّ بِالدَّارِ الْآخِرَةِ، وَنَفْعُ الْخَادِمِ مُخْتَصٌّ بِالدَّارِ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى.
٧ - بَاب خَادِمِ الْمَرْأَةِ
٥٣٦٢ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ مُجَاهِدًا، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يُحَدِّثُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ فَاطِمَةَ ﵍ أَتَتْ النَّبِيَّ ﷺ تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَقَالَ: أَلَا أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ؟ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ. ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ، فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ، قِيلَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ خَادِمِ الْمَرْأَةِ) أَيْ: هَلْ يُشْرَعُ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ إِخْدَامُهَا؟ ذَكَرَ حَدِيثَ عَلِيٍّ الْمَذْكُورَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَسِيَاقُهُ أَخْصَرُ مِنْهُ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَتْ لَهَا طَاقَةٌ مِنَ النِّسَاءِ عَلَى خِدْمَةِ بَيْتِهَا فِي خَبْزٍ أَوْ طَحْنٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إِذَا كَانَ مَعْرُوفًا أَنَّ مِثْلَهَا يَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ.
وَوَجْهُ الْأَخْذِ أَنَّ فَاطِمَةَ لَمَّا سَأَلَتْ أَبَاهَا ﷺ الْخَادِمَ لَمْ يَأْمُرْ زَوْجَهَا بِأَنْ يَكْفِيَهَا ذَلِكَ، إِمَّا بِإِخْدَامِهَا خَادِمًا، أَوْ بِاسْتِئْجَارِ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ، أَوْ بِتَعَاطِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute