للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَخْرَجَهُ عَقِبَ حَدِيثِ الْقَحْطَانِيِّ.

قَوْلُهُ: (يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ) هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُلْكِ، شَبَّهَهُ بِالرَّاعِي وَشَبَّهَ النَّاسَ بِالْغَنَمِ، وَنُكْتَةُ التَّشْبِيهِ التَّصَرُّفُ الَّذِي يَمْلِكُهُ الرَّاعِي فِي الْغَنَمِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدْخُلُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَخْبَرَ بِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَلَمْ يَقَعْ بَعْدُ، وَقَدْ رَوَى نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ فِي الْفِتَنِ مِنْ طَرِيقِ أَرَطْأَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ - أَحَدِ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ - أَنَّ الْقَحْطَانِيَّ يَخْرُجُ بَعْدَ الْمَهْدِيِّ وَيَسِيرُ عَلَى سِيرَةِ الْمَهْدِيِّ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسِ بْنِ جَابِرٍ الصَّدَفِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: يَكُونُ بَعْدَ الْمَهْدِيِّ، الْقَحْطَانِيُّ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا هُوَ دُونَهُ، وَهَذَا الثَّانِي مَعَ كَوْنِهِ مَرْفُوعًا ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ، وَالْأَوَّلُ مَعَ كَوْنِهِ مَوْقُوفًا أَصْلَحُ إِسْنَادًا مِنْهُ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي زَمَنِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عِيسَى إِذَا نَزَلَ يَجِدُ الْمَهْدِيَّ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي رِوَايَةِ أَرْطَاةَ بْنِ الْمُنْذِرِ: أَنَّ الْقَحْطَانِيَّ يَعِيشُ فِي الْمُلْكِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ كَيْفَ يَكُونُ فِي زَمَنِ عِيسَى يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ وَالْأَمْرُ إِنَّمَا هُوَ لِعِيسَى؟! وَيُجَابُ بِجَوَازِ أَنْ يُقِيمَهُ عِيسَى نَائِبًا عَنْهُ فِي أُمُورٍ مُهِمَّةٍ عَامَّةٍ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٨ - بَاب مَا يُنْهَى مِنْ دَعْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ

٣٥١٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا، وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ فَقَالَ: مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: مَا شَأْنُهُمْ، فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيَّ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ : دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا، لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ. فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا نَقْتُلُ يَا نبي اللَّهِ هَذَا الْخَبِيثَ؟ لِعَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ.

[الحديث ٣٥١٨ - طرفاه في: ٤٩٠٥، ٤٩٠٧]

٣٥١٩ - حَدَّثَنا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ ح وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ".

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُنْهَى مِنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ) يُنْهَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ الِاسْتِغَاثَةُ عِنْدَ إِرَادَةِ الْحَرْبِ. كَانُوا يَقُولُونَ: يَا آلَ فُلَانٍ، فَيَجْتَمِعُونَ فَيَنْصُرُونَ الْقَائِلَ وَلَوْ كَانَ ظَالِمًا، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الْفَوَائِدِ الْأَصْبَهَانِيَّةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اقْتَتَلَ غُلَامٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَغُلَامٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَذَكَّرَهُ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ