اللَّهِ ﷺ الطَّيْلَسَانُ فَقَالَ: هَذَا ثَوْبٌ لَا يُؤَدَّى شُكْرُهُ أَخْرَجَهُ (١). . . وَإِنَّمَا يَصْلُحُ الِاسْتِدْلَالُ بِقِصَّةِ الْيَهُودِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَكُونُ الطَّيَالِسَةُ مِنْ شِعَارِهِمْ، وَقَدِ ارْتَفَعَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ فَصَارَ دَاخِلًا فِي عُمُومِ الْمُبَاحِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَمْثِلَةِ الْبِدْعَةِ الْمُبَاحَةِ، وَقَدْ يَصِيرُ مِنْ شَعَائِرِ قَوْمٍ فَيَصِيرُ تَرْكُهُ مِنَ الْإِخْلَالِ بِالْمُرُوءَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ. . . لِقَوْمٍ وَتَرَكَهُ بِالْعَكْسِ، وَمَثَّلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ذَلِكَ بِالسُّوقِيِّ وَالْفَقِيهِ فِي الطَّيْلَسَانِ.
١٧ - بَاب الْمِغْفَرِ
٥٨٠٨ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ.
قَوْلُهُ: (بَابُ الْمِغْفَرِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ بَعْدَهَا رَاءٌ.
تَقَدَّمَ شَرْحُهُ وَالْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي فِي الْبَابِ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي مُسْتَوْفًى، وَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ هُنَا أَنَّ بَعْضَ الْمُتَعَسِّفِينَ أَنْكَرَ عَلَى مَالِكٍ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ وَأَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ قَالَ: وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ دَعْوَى التَّفَرُّدِ أَنَّهُ وَجَدَ فِي كِتَابِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ تَصْنِيفَ النَّسَائِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مِثْلَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ، وَعَنِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ بِأَنَّهُ دَخَلَ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ وَكَانَتِ الْعِمَامَةُ السَّوْدَاءُ فَوْقَ الْمِغْفَرِ. قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ أَنَّ بِضْعَةَ عَشَرَ نَفْسًا رَوَوْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ مَالِكٍ، وَبَيَّنْتُ مَخَارِجَهَا وَعِلَلَهَا بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
١٨ - بَاب الْبُرُودِ وَالْحِبَرَ وَالشَّمْلَةِ
وَقَالَ خَبَّابٌ: شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ
٥٨٠٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.
٥٨١٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ، قَالَ سَهْلٌ: هَلْ تَدْرون مَا الْبُرْدَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، هِيَ الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا. قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا لَإِزَارُهُ، فَجَسَّهَا رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أكْسنِيهَا، قَالَ: نَعَمْ، فَجَلَسَ مَا شَاءَ اللَّهُ فِي
(١) هكذا بياض بالأصل في الموضعين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute