خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَيَالِي الْحَجِّ وَحُرُمِ الْحَجِّ؛ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَشْهُورًا عِنْدَهُمْ مَعْلُومًا، وَقَوْلُهُ فِيهِ: وَحُرُمِ الْحَجِّ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ؛ أَيْ أَزْمِنَتُهُ وَأَمْكِنَتُهُ وَحَالَاتُهُ، وَرُوِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ جَمْعُ حُرْمَةٍ؛ أَيْ مَمْنُوعَاتِ الْحَجِّ، وَقَوْلُهُ: (يَا هَنَتَاهْ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالنُّونِ - وَقَدْ تُسَكَّنُ النُّونُ - بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ وَآخِرُهَا هَاءٌ سَاكِنَةٌ، كِنَايَةٌ عَنْ شَيْءٍ لَا يَذْكُرُهُ بِاسْمِهِ، تَقُولُ فِي النِّدَاءِ لِلْمُذَكَّرِ: يَا هَنْ، وَقَدْ تُزَادُ الْهَاءُ فِي آخِرِهِ لِلسَّكْتِ؛ فَتَقُولُ: يَا هَنَهْ، وَإنْ تُشْبِعَ الْحَرَكَةَ فِي النُّونِ فَتَقُولَ: يَا هَنَاهْ، وَتُزَادُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِلْمُؤَنَّثِ مُثَنَّاةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَلِفُ وَالْهَاءُ فِي آخِرِهِ كَهُمَا فِي النُّدْبَةِ. وَقَوْلُهُ: (قُلْتُ: لَا أُصَلِّي) كِنَايَةٌ عَنْ أَنَّهَا حَاضَتْ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: كَنَّتْ عَنِ الْحَيْضِ بِالْحُكْمِ الْخَاصِّ بِهِ أَدَبًا مِنْهَا، وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُ ذَلِكَ فِي بَنَاتِهَا الْمُؤْمِنَاتِ فَكُلُّهُنَّ يُكَنِّينَ عَنِ الْحَيْضِ بِحِرْمَانِ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: (فَلَا يَضُرُّكِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فَلَا يَضِيرُكِ؛ بِكَسْرِ الضَّادِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ مِنَ الضَّيْرِ، وَقَوْلُهُ: (النَّفَرِ الثَّانِي) هُوَ رَابِعُ أَيَّامِ مِنًى، وَقَوْلُهُ: (فَإِنِّي أَنْظُرُكُمَا) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: أَنْتَظِرُكُمَا بِزِيَادَةِ مُثَنَّاةٍ، وَقَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ)؛ أَيْ مِنَ الِاعْتِمَارِ وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، وَحُذِفَ الْأَوَّلُ لِلْعِلْمِ بِهِ.
٣٤ - بَاب التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْإِفْرَادِ بِالْحَجِّ وَفَسْخِ الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ
١٥٦١ - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا نُرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا تَطَوَّفْنَا بِالْبَيْتِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَحِلَّ، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ، وَنِسَاؤُهُ لَمْ يَسُقْنَ فَأَحْلَلْنَ. قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: فَحِضْتُ، فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ. فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَرْجِعُ النَّاسُ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ! قَالَ: وَمَا طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا مَكَّةَ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَاذْهَبِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ مَوْعِدُكِ كَذَا وَكَذَا. قَالَتْ صَفِيَّةُ: مَا أُرَانِي إِلَّا حَابِسَتَهُمْ. قَالَ: عَقْرَى حَلْقَى، أَوَمَا طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: لَا بَأْسَ، انْفِرِي. قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: فَلَقِيَنِي النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ مُصْعِدٌ مِنْ مَكَّةَ وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَا مُصْعِدَةٌ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ مِنْهَا.
١٥٦٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْحَجِّ. فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ.
١٥٦٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا ﵄ وَعُثْمَانُ يَنْهَى عَنْ الْمُتْعَةِ وَأَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ أَهَلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute