للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبْعَدُ مِنَ الرِّيَاءِ وَأَمْكَنُ لِلْخُشُوعِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ اقْرَأوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفُ الْمُعَلَّقَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ قَلْبًا وَعَى الْقُرْآنَ وَزَعَمَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: أَتَقْرَأهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ؟ رَدًّا لِمَا تَأَوَّلَهُ الشَّافِعِيُّ فِي إِنْكَاحِ الرَّجُلِ عَلَى أَنَّ صَدَاقَهَا أُجْرَةُ تَعْلِيمِهَا، كَذَا قَالَ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِمَا ذُكِرَ، بَلْ ظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ اسْتَثْبَتَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ

٢٣ - بَاب اسْتِذْكَارِ الْقُرْآنِ وَتَعَاهُدِهِ

٥٠٣١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ.

٥٠٣٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قال النبي ﷺ: " بِئْسَ مَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ نُسِّيَ وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنْ النَّعَمِ"

[الحديث ٥٠٢٣ - طرفه في: ٥٠٣٩]

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ مِثْلَهُ تَابَعَهُ بِشْرٌ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ شُعْبَةَ وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدَةَ عَنْ شَقِيقٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ"

٥٠٣٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: " تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا"

قَوْلُهُ: (بَابُ اسْتِذْكَارِ الْقُرْآنِ) أَيْ طَلَبِ ذُكْرِهِ بِضَمِ الذَّالِ (وَتَعَاهُدِهِ) أَيْ تَجْدِيدِ الْعَهْدِ بِهِ بِمُلَازَمَةِ تِلَاوَتِهِ.

وَذَكَرَ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ:

الْأَوَّلُ:

قَوْلُهُ: (إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ) أَيْ مَعَ الْقُرْآنِ، وَالْمُرَادُ بِالصَّاحِبِ الَّذِي أَلِفَهُ، قَالَ عِيَاضٌ: الْمُؤَالَفَةُ الْمُصَاحَبَةُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ، وَقَوْلِهِ: أَلِفَهُ أَيْ أَلِفَ تِلَاوَتَهُ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَأْلَفَهَا نَظَرًا مِنَ الْمُصْحَفِ أَوْ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، فَإِنَّ الَّذِي يُدَاوِمُ عَلَى ذَلِكَ يُذَلُّ لَهُ لِسَانُهُ وَيَسْهُلُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ، فَإِذَا هَجَرَهُ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَشَقَّتْ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ إِنَّمَا يَقْتَضِي الْحَصْرَ عَلَى الرَّاجِحِ، لَكِنَّهُ حَصْرٌ مَخْصُوصٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحِفْظِ وَالنِّسْيَانِ بِالتِّلَاوَةِ وَالتَّرْكِ.

قَوْلُهُ: (كَمِثْلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ) أَيْ مَعَ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ. وَالْمُعَقَّلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ أَيِ الْمَشْدُودَةِ بِالْعِقَالِ وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ فِي رُكْبَةِ الْبَعِيرِ، شَبَّهَ دَرْسَ الْقُرْآنِ وَاسْتِمْرَارَ تِلَاوَتِهِ بِرَبْطِ الْبَعِيرِ الَّذِي يُخْشَى مِنْهُ الشِّرَادُ، فَمَا زَالَ التَّعَاهُدُ مَوْجُودًا فَالْحِفْظُ مَوْجُودٌ، كَمَا أَنَّ الْبَعِيرَ مَا دَامَ مَشْدُودًا بِالْعِقَالِ فَهُوَ مَحْفُوظٌ. وَخَصَّ الْإِبِلَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَشَدُّ الْحَيَوَانِ الْإِنْسِيِّ نُفُورًا، وَفِي تَحْصِيلِهَا بَعْدَ اسْتِمْكَانِ نُفُورِهَا صُعُوبَةٌ.

قَوْلُهُ: (إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا) أَيِ اسْتَمَرَّ إِمْسَاكُهُ لَهَا، وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَإِنْ عَقَلَهَا حَفِظَهَا.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ) أَيِ انْفَلَتَتْ. وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِنْ تَعَاهَدَهَا صَاحِبُهَا فَعَقَلَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ عُقُلَهَا ذَهَبَتْ وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ إِذَا قَامَ