فِيهِ.
وَفِيهِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَا يُتَبَرَّكُ بِهِ لِقَوْلِ جَابِرٍ: لَا تُفَارِقُنِي الزِّيَادَةُ.
وَفِيهِ جَوَازُ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ عِنْدَ الْأَدَاءِ، وَالرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ لَكِنْ بِرِضَى الْمَالِكِ، وَهِيَ هِبَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ حَتَّى لَوْ رُدَّتِ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ رَدُّهَا، أَوْ هِيَ تَابِعَةٌ لِلثَّمَنِ حَتَّى تُرَدَّ، فِيهِ احْتِمَالٌ.
وَفِيهِ فَضِيلَةٌ لِجَابِرٍ حَيْثُ تَرَكَ حَظَّ نَفْسَهُ وَامْتَثَلَ أَمْرَ النَّبِيِّ ﷺ لَهُ بِبَيْعِ جَمَلِهِ مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَيْهِ.
وَفِيهِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ، وَجَوَازُ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى مَنْ كَانَ مَالِكَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ بِغَيْرِ تَصْرِيحٍ بِإِيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ، لِقَوْلِهِ فِيهِ: قَالَ: بِعْنِيهِ بِأُوقِيَّةٍ، فَبِعْتُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ صِيغَةً. وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ عَدَمَ الذِّكْرِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْوُقُوعِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْمَاضِيَةِ فِي الْوَكَالَةِ قَالَ: بِعْنِيهِ، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ فَهَذَا فِيهِ الْقَبُولُ، وَلَا إِيجَابَ فِيهِ، وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ الْآتِيَةِ فِي الْجِهَادِ قَالَ: بَلْ بِعْنِيهِ، قُلْتُ: لِرَجُلٍ عَلَيَّ أُوقِيَّةُ ذَهَبٍ فَهُوَ لَكَ بِهَا. قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ فَفِيهِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعًا. وَأَبْيَنُ مِنْهَا رِوَايَةُ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عِنْدَ أَحْمَدَ قُلْتُ: قَدْ رَضِيتُ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهُوَ لَكَ بِهَا، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ فَيُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الِاكْتِفَاءِ فِي صِيَغِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ.
(تَكْمِيلٌ): آلَ أَمْرُ جَمَلِ جَابِرٍ هَذَا لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ بَرَكَةِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى مَآلٍ حَسَنٍ، فَرَأَيْتُ فِي تَرْجَمَةِ جَابِرٍ مِنْ تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: فَأَقَامَ الْجَمَلَ عِنْدِي زَمَانَ النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَعَجَزَ، فَأَتَيْتُ بِهِ عُمَرَ فَعَرَفت قِصَّتَهُ فَقَالَ: اجْعَلْهُ فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَفِي أَطْيَبِ الْمَرَاعِي، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ إِلَى أَنْ مَاتَ.
٥ - بَاب الشُّرُوطِ فِي الْمُعَامَلَةِ
٢٧١٩ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَتْ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ. قَالَ: لَا. فَقَالَوا: تَكْفُونَا الْمَئُونَةَ وَنُشْرِكْكُمْ فِي الثَّمَرَةِ. قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.
٢٧٢٠ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵁ قَالَ: أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْمُعَامَلَةِ) أَيْ مِنْ مُزَارَعَةٍ وَغَيْرِهَا. ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَوَافُقِ الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يَكْفُوا الْأَنْصَارَ الْمَئُونَةَ وَالْعَمَلَ وَيُشْرِكُوهُمْ فِي الثَّمَرَةِ مُزَارَعَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي فَضْلِ الْمَنِيحَةِ فِي أَوَاخِرِ الْهِبَةِ، وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لُغَوِيٌّ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فَصَارَ شَرْعِيًّا، لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ إِنْ تَكْفُونَا نَقْسِمْ بَيْنَكُمْ.
ثَانِيهِمَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ مُزَارَعَةِ أَهْلِ خَيْبَرَ، ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْمُزَارَعَةِ.
٦ - بَاب الشُّرُوطِ فِي الْمَهْرِ عِنْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ. وَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ مَقَاطِعَ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ، وَلَكَ مَا شَرَطْتَ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَنَ قَالَ: حَدَّثَنِي فصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي