للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَهَذَا حَرَامٌ. اهـ.

وَيُمْكِنُ دُخُولُ الثَّالِثِ فِي الرَّابِعِ، وَالْأَوَّلُ فِي الثَّانِي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

تَنْبِيهٌ:

وَقَعَ فِي سِيَاقِ السَّنَدِ: مُعْتَمِرٌ وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ أَيْضًا، فَزَعَمَ الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَ عَنْ غَيْرِ أَبِي عُثْمَانَ، ثُمَّ قَالَ: وَحَدَّثَ أَبُو عُثْمَانَ أَيْضًا. قُلْتُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ حَدَّثَهُ بِحَدِيثٍ سَابِقٍ عَلَى هَذَا، ثُمَّ حَدَّثَهُ بِهَذَا، فَلِذَلِكَ قَالَ: أَيْضًا، أَيْ: حَدَّثَ بِحَدِيثٍ بَعْدَ حَدِيثٍ.

٧ - بَاب ﴿لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ: - ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وَالنِّهْدُ وَالاِجْتِمَاعُ عَلَى الطَّعَامِ

٥٣٨٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ بُشَيْرَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ - قَالَ يَحْيَى: وَهِيَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى رَوْحَةٍ - دَعَا رَسُولُ اللَّهِ بِطَعَامٍ، فَمَا أُتِيَ إِلَّا بِسَوِيقٍ، فَلُكْنَاهُ فَأَكَلْنَا مِنْهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ عَوْدًا وَبَدْءًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ﴾ إِلَى هُنَا لِلْأَكْثَرِ، وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ الصِّنْفَيْنِ الْآخَرَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: الْآيَةَ وَأَرَادَ بَقِيَّةَ الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ النُّورِ، لَا الَّتِي فِي سُورَةِ الْفَتْحِ؛ لِأَنَّهَا الْمُنَاسِبَةُ لِأَبْوَابِ الْأَطْعِمَةِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وَكَذَا لِبَعْضِ رُوَاةِ الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ: (وَالنِّهْدُ وَالِاجْتِمَاعُ عَلَى الطَّعَامِ) ثَبَتَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ، وَالنِّهْدُ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْهَاءِ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي أَوَّلِ الشَّرِكَةِ حَيْثُ قَالَ: بَابُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالنِّهْدِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ بَيَانُ حُكْمِهِ، وَذَكَرَ فِيهِ عِدَّةَ أَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَفِيهِ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ بِطَعَامٍ فَلَمْ يُؤْتَ إِلَّا بِسَوِيقٍ الْحَدِيثَ وَلَيْسَ هُوَ ظَاهِرًا فِي الْمُرَادِ مِنَ النِّهْدِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَا جِيءَ بِالسَّوِيقِ إِلَّا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، لَكِنَّ مُنَاسَبَتَهُ لِأَصْلِ التَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ فِي اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى لَوْكِ السَّوِيقِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَ أَعْمَى وَبَصِيرٍ وَبَيْنَ صَحِيحٍ وَمَرِيضٍ، وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الْمُهَلَّبِ قَالَ: مُنَاسَبَةُ الْآيَةِ لِحَدِيثِ سُوَيْدٍ مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا اجْتَمَعُوا لِلْأَكْلِ عُزِلَ الْأَعْمَى عَلَى حِدَةٍ، وَالْأَعْرَجُ عَلَى حِدَةٍ، وَالْمَرِيضُ عَلَى حِدَةٍ؛ لِتَقْصِيرِهِمْ عَنْ أَكْلِ الْأَصِحَّاءِ، فَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَتَفَضَّلُوا عَلَيْهِمْ، وَهَذَا عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ: كَانَ الْأَعْمَى يَتَحَرَّجُ أَنْ يَأْكُلَ طَعَامَ غَيْرِهِ لِجَعْلِهِ يَدَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، وَالْأَعْرَجُ كَذَلِكَ لِاتِّسَاعِهِ فِي مَوْضِعِ الْأَكْلِ، وَالْمَرِيضُ لِرَائِحَتِهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَأَبَاحَ لَهُمُ الْأَكْلَ مَعَ غَيْرِهِمْ.

وَفِي حَدِيثِ سُوَيْدٍ مَعْنَى الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا أَيْدِيَهُمْ فِيمَا حَضَرَ مِنَ الزَّادِ سَوَاءً، مَعَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَكْلُهُمْ بِالسَّوَاءِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ سَوَّغَ لَهُمُ الشَّارِعُ ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَكَانَ مُبَاحًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ كَلَامُهُ. وَقَدْ جَاءَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ أَثَرٌ آخَرُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ، قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: كَانَ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِالْأَعْمَى أَوِ الْأَعْرَجِ أَوِ الْمَرِيضِ إِلَى بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ أَوْ قَرِيبِهِ، فَكَانَ الزَّمْنَى يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ: إِنَّمَا يَذْهَبُونَ بِنَا إِلَى بُيُوتِ غَيْرِهِمْ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ رُخْصَةً لَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: مَوْضِعُ الْمُطَابَقَةِ مِنَ التَّرْجَمَةِ وَسَطُ الْآيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾ وَهِيَ أَصْلٌ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْمُخَارَجَةِ، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي التَّرْجَمَةِ النِّهْدَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.