عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: جَاءَ مُجَاشِعٌ بِأَخِيهِ مُجَالِدِ بْنِ مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: هَذَا مُجَالِدٌ يُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ.
٣٠٨٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو، وَابْنُ جُرَيْجٍ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: ذَهَبْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى عَائِشَةَ ﵂ وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ بِثَبِيرٍ، فَقَالَتْ لَنَا: انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ مَكَّةَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ) أَيْ: فَتْحِ مَكَّةَ، أَوِ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ حُكْمَ غَيْرِ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ حُكْمُهَا، فَلَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ مِنْ بَلَدٍ قَدْ فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ، أَمَّا قَبْلَ فَتْحِ الْبَلَدِ فَمَنْ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ: قَادِرٌ عَلَى الْهِجْرَةِ مِنْهَا، لَا يُمْكِنُهُ إِظْهَارُ دِينِهِ، وَلَا أَدَاءُ وَاجِبَاتِهِ، فَالْهِجْرَةُ مِنْهُ وَاجِبَةٌ. الثَّانِي: قَادِرٌ، لَكِنَّهُ يُمْكِنُهُ إِظْهَارُ دِينِهِ، وَأَدَاءُ وَاجِبَاتِهِ، فَمُسْتَحَبَّةٌ؛ لِتَكْثِيرِ الْمُسْلِمِينَ بِهَا، وَمَعُونَتِهِمْ وَجِهَادِ الْكُفَّارِ، وَالْأَمْنِ مِنْ غَدْرِهِمْ، وَالرَّاحَةِ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ بَيْنَهُمْ. الثَّالِثُ: عَاجِزٌ، يُعْذَرُ مِنْ أَسْرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَتَجُوزُ لَهُ الْإِقَامَةُ، فَإِنْ حَمَلَ عَلَى نَفْسِهِ وَتَكَلَّفَ الْخُرُوجَ مِنْهَا أُجِرَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ:
أَحَدُهَا: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ وُجُوبِ النَّفِيرِ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ.
الثَّانِي حَدِيثُ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعَةِ فِي الْحَرْبِ.
الثَّالِثُ حَدِيثُ عَائِشَةَ: انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ مَكَّةَ، وَسَيَأْتِي بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فِي بَابِ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ أَوَّلَ الْمَغَازِي.
١٩٥ - بَاب إِذَا اضْطَرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ
وَالْمُؤْمِنَاتِ إِذَا عَصَيْنَ اللَّهَ، وَتَجْرِيدِهِنَّ
٣٠٨١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ - وَكَانَ عُثْمَانِيًّا - فَقَالَ لِابْنِ عَطِيَّةَ - وَكَانَ عَلَوِيًّا -: إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا الَّذِي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ ﷺ وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ: ائْتُوا رَوْضَةَ كَذَا، وَتَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا. فَقُلْنَا: الْكِتَابَ، قَالَتْ: لَمْ يُعْطِنِي، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ أَوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ. فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِبٍ، فَقَالَ: لَا تَعْجَلْ، وَاللَّهِ مَا كَفَرْتُ، وَلَا ازْدَدْتُ لِلْإِسْلَامِ إِلَّا حُبًّا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَّا وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي أَحَدٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا، فَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ ﷺ. فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ نَافَقَ. فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ. فَهَذَا الَّذِي جَرَّأَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute