(تَنْبِيهٌ): قَوْلُهُ: فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنني فِي رِوَايَتِنَا بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، وَفِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ بِإِظْهَارِ النُّونِ الْأُولَى وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ.
١٥ - بَاب إِنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أَوْ تَصَاوِيرَ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؟ وَمَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ
٣٧٤ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَمِيطِي عنا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلَاتِي.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ، أَيْ فِيهِ صُلْبَانٌ مَنْسُوجَةٌ أَوْ مَنْقُوشَةٌ أَوْ تَصَاوِيرُ، أَيْ فِي ثَوْبٍ ذِي تَصَاوِيرَ، كَأَنَّهُ حَذَفَ الْمُضَافَ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: هُوَ عَطْفٌ عَلَى ثَوْبِ لَا عَلَى مُصَلَّبٍ، وَالتَّقْدِيرُ: أَوْ صَلَّى فِي تَصَاوِيرَ. وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: أَوْ بِتَصَاوِيرَ وَهُوَ يُرَجِّحُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ، وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ: فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ أَوْ مُصَوَّرٍ.
قَوْلُهُ: (هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ) جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي تَرْكِ الْجَزْمِ فِيمَا فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَهَذَا مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ هَلْ يَقْتَضِي الْفَسَادَ أَمْ لَا؟ وَالْجُمْهُورُ إِنْ كَانَ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ اقْتَضَاهُ، وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: (وَمَا يُنْهَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَمَا يُنْهَى عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَمَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ حَدِيثِ الْبَابِ لَا يُوَفِّي بِجَمِيعِ مَا تَضَمَّنَتْهُ التَّرْجَمَةُ إِلَّا بَعْدَ التَّأَمُّلِ، لِأَنَّ السِّتْرَ وَإِنْ كَانَ ذَا تَصَاوِيرٍ لَكِنَّهُ لَمْ يَلْبَسْهُ وَلَمْ يَكُنْ مُصَلَّبًا وَلَا نهى عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ صَرِيحًا. وَالْجَوَابُ أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّ مَنْعَ لُبْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَأَمَّا ثَانِيًا فَبِإِلْحَاقِ الْمُصَلَّبِ بِالْمُصَوَّرِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَمَّا ثَالِثًا فَالْأَمْرُ بِالْإِزَالَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الِاسْتِعْمَالِ. ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: مُصَلَّبٌ الْإِشَارَةَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ كَعَادَتِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ فِي اللِّبَاسِ مِنْ طَرِيقِ عِمْرَانَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصْلِيبٌ إِلَّا نَقَضَهُ. وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ سِتْرًا أَوْ ثَوْبًا.
قَوْلُهُ: (عَبْدُ الْوَارِثِ) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ.
قَوْلُهُ: (قِرَامٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ: سِتْرٌ رَقِيقٌ مِنْ صُوفٍ ذُو أَلْوَانٍ.
قَوْلُهُ: (أَمِيطِي) أَيْ أَزِيلِي وَزْنًا وَمَعْنًى.
قَوْلُهُ: (لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُ) كَذَا فِي رِوَايَتِنَا، وَلِلْبَاقِينَ بِإِثْبَاتِ الضَّمِيرِ، وَالْهَاءِ فِي رِوَايَتِنَا فِي فَإِنَّهُ ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَعَلَى الْأُخْرَى يُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ عَلَى الثَّوْبِ.
قَوْلُهُ: (تَعْرِضُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ تَلُوحُ، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ: تَعَرَّضُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، أَصْلُهُ تَتَعَرَّضُ. وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَفْسُدُ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ ﷺ لَمْ يَقْطَعْهَا وَلَمْ يُعِدْهَا، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى طُرُقِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي هَذَا، وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ مَا ظَاهِرُهُ الِاخْتِلَافُ مِنْهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
١٦ - بَاب مَنْ صَلَّى فِي فَرُّوجِ حَرِيرٍ ثُمَّ نَزَعَهُ
٣٧٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: