رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي قَالَ: وَقَالَ أَبِي ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ.
[الحديث ٢٢٨ - أطرافه في: ٣٣١، ٣٢٥، ٣٢٠، ٣٠٦،]
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ، وَلِلْأَصِيلِيِّ: ابْنُ سَلَّامٍ، وَلِأَبِي ذَرٍّ: هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ هُوَ الضَّرِيرُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) زَادَ الْأَصِيلِيُّ، ابْنُ عُرْوَةَ.
قَوْلُهُ: (فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ، اسْمُهُ قَيْسُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَهِيَ غَيْرُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الَّتِي طَلُقَتْ ثَلَاثًا.
قَوْلُهُ: (أُسْتَحَاضُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ يُقَالُ: اسْتُحِيضَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ بَعْدَ أَيَّامِهَا الْمُعْتَادَةِ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَالِاسْتِحَاضَةُ جَرَيَانُ الدَّمِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ.
قَوْلُهُ: (لَا) أَيْ لَا تَدَعِي الصَّلَاةَ.
قَوْلُهُ: (عِرْقٌ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْعَاذِلِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ.
قَوْلُهُ: (حَيْضَتُكِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا. وَالْمُرَادُ بِالْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ هُنَا ابْتِدَاءُ دَمِ الْحَيْضِ وَانْقِطَاعُهُ.
قَوْلُهُ: (فَدَعِي الصَّلَاةَ) يَتَضَمَّنُ نَهْيَ الْحَائِضِ عَنِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ لِلتَّحْرِيمِ وَيَقْتَضِي فَسَادَ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ.
قَوْلُهُ: (فَاغْتَسِلِي عَنْكِ الدَّمَ) أَيْ وَاغْتَسِلِي وَالْأَمْرُ بِالِاغْتِسَالِ مُسْتَفَادٌ مِنْ أَدِلَّةٍ أُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهَا فِي كِتَابِ الْحَيْضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (قَالَ) أَيْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ (وَقَالَ أَبِي) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا مُعَلَّقٌ، وَلَيْسَ بِصَوَابٍ، بَلْ هُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَتِهِ. وَادَّعَى آخَرُ أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ تَوَضَّئِي مِنْ كَلَامِ عُرْوَةَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَلَامَهُ لَقَالَ ثُمَّ تَتَوَضَّأُ بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ، فَلَمَّا أَتَى بِهِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ شَاكَلَهُ الْأَمْرُ الَّذِي فِي الْمَرْفُوعِ وَهُوَ قَوْلُهُ فَاغْسِلِي. وَسَنَذْكُرُ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٦٤ - بَاب غَسْلِ الْمَنِيِّ وَفَرْكِهِ، وَغَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ الْمَرْأَةِ
٢٢٩ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الْجَزَرِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغْسِلُ الْجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ النَّبِيِّ ﷺ، فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ وَإِنَّ بُقَعَ الْمَاءِ فِي ثَوْبِهِ.
[الحديث ٢٢٩ - أطرافه في: ٢٣٢، ٢٣١، ٢٣٠]
٢٣٠ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنْ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَتْ: كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَيَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ وَأَثَرُ الْغَسْلِ فِي ثَوْبِهِ بُقَعُ الْمَاءِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ غَسْلُ الْمَنِيِّ وَفَرْكُهُ) لَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ الْفَرْكِ، بَلِ اكْتَفَى بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى عَادَتِهِ ; لِأَنَّهُ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا كَمَا سَنَذْكُرُهُ. وَلَيْسَ بَيْنَ حَدِيثِ الْغَسْلِ وَحَدِيثِ الْفَرْكِ تَعَارُضٌ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ بِأَنْ يُحْمَلَ الْغَسْلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِلتَّنْظِيفِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الشَّافِعِيِّ،