حَمَاهَا أَبُو قَابُوسَ فِي غَيْرِ مُلْكِهِ … كَمَا قَدْ حَمَى أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ الْفَحْلَا
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: اخْتُلِفَ فِي السَّائِبَةِ فَقِيلَ: كَانَ الرَّجُلُ يُسَيِّبُ مِنْ مَالِهِ مَا شَاءَ يَذْهَبُ بِهِ إِلَى السَّدَنَةِ وَهُمُ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَى الْأَصْنَامِ. وَقِيلَ: السَّائِبَةُ النَّاقَةُ إِذَا وَلَدَتْ عَشَرَةَ أَبْطُنٍ كُلُّهُنَّ إِنَاثٌ سُيِّبَتْ فَلَمْ تُرْكَبْ وَلَمْ يُجَزَّ لَهَا وَبَرٌ وَلَمْ يُشْرَبْ لَهَا لَبَنٌ، وَإِذَا وَلَدَتْ بِنْتُهَا بُحِرَتْ أَيْ شُقَّتْ أُذُنُهَا، فَالْبَحِيرَةُ ابْنَةُ السَّائِبَةِ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهَا، وَالْوَصِيلَةُ مِنَ الشَّاةِ إِذَا وَلَدَتْ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ إِذَا وَلَدَتْ فِي آخِرِهَا ذَكَرًا وَأُنْثَى قِيلَ وَصَلَتْ أَخَاهَا فَلَا تَشْرَبُ النِّسَاءُ لَبَنَ الْأُمِّ وَتَشْرَبُهُ الرِّجَالُ وَجَرَتْ مَجْرَى السَّائِبَةِ إِلَّا فِي هَذَا، وَأَمَّا الْحَامِ فَهُوَ فَحْلُ الْإِبِلِ كَانَ إِذَا لَقَّحَ وَلَدُ وَلَدِهِ قِيلَ حَمَى ظَهْرَهُ فَلَا يُرْكَبُ وَلَا يُجَزُّ لَهُ وَبَرٌ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مَرْعًى.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ لِي أَبُو الْيَمَانِ) عِنْدَ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ بِغَيْرِ مُجَاوَرَةٍ.
قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ سَعِيدًا يُخْبِرُهُ بِهَذَا قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ نَحْوَهُ) هَكَذَا لِلْأَكْثَرِ يُخْبِرُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ مِنَ الْخَبَرِ مُتَّصِلٍ بِهَاءِ الضَّمِيرِ، وَوَقَعَ لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْحَمَوِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي: بَحِيرَةٌ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى تَفْسِيرِ الْبَحِيرَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَأَنَّ الْمَرْفُوعَ مِنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ذَكَرَ عَمْرُو ابْنُ عَامِرٍ حَسْبُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَخْرَجَهُ فِي مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ: الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا إِلَخْ، لَكِنَّهُ أَوْرَدَهُ بِاخْتِصَارٍ قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ إِلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَرَوَاهُ ابْنُ الْهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَمَّا طَرِيقُ ابْنِ الْهَادِ فَأَخْرَجَهَا ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ الْمَهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ - وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ - بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَفْظُ الْمَتْنِ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ، وَالسَّائِبَةُ الَّتِي كَانَتْ تُسَيَّبُ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ، إِلَى آخِرِ التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي الْأَوَائِلِ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طرقٍ عَنِ اللَّيْثِ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ بِالْمَرْفُوعِ فَقَطْ، وَظَهَرَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ إِدْرَاجًا وَأَنَّ التَّفْسِيرَ مِنْ كَلَامِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وقَوْلُهُ فِي الْمَرْفُوعِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبِ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَبَحَرَ الْبَحِيرَةِ وَغَيَّرَ دِينَ إِسْمَاعِيلَ وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَسْلَمَ مُرْسَلًا أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ، وَأَوَّلُ مَنْ بَحَرَ الْبَحَائِرَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ جَدَعَ أُذُنَ نَاقَتِهِ وَحَرَّمَ شُرْبَ أَلْبَانِهَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ: رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَرَأَيْتُ عَمْرًا يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ، هَكَذَا وَقَعَ هُنَا مُخْتَصَرًا، وَتَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ، عَنْ زَيْدٍ مُطَوَّلًا وَأَوَّلُهُ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَرَأَ سُورَةً طَوِيلَةً، الْحَدِيثَ وَفِيهِ: لَقَدْ رَأَيْتُ فِي مَقَامِي هَذَا كُلَّ شَيْءٍ، وَفِيهِ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ هُنَا، وَأَوْرَدَهُ فِي أَبْوَابِ الْكُسُوفِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ بِدُونِ الزِّيَادَةِ، وَكَذَا مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ نَسَبِ عَمْرٍو الْخُزَاعِيِّ فِي مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ، وَكَذَا بَيَانُ كَيْفِيَّةِ تَغْيِيرِهِ لِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ﵇ وَنَصْبُهُ الْأَصْنَامَ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
١٤ - بَاب: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute