قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾؛ أَيْ: قَدْرَ الْقَصْرِ.
قَوْلُهُ: (كُنَّا نَرْفَعُ الْخَشَبَ بِقِصَرٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْقَافِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَنْوِينِ الرَّاءِ وَبِالْإِضَافَةِ أَيْضًا، وَهُوَ بِمَعْنَى الْغَايَةِ وَالْقَدْرِ، تَقُولُ: قِصَرُكَ وَقِصَارَاكَ مِنْ كَذَا؛ مَا اقْتَصَرْتَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ أَوْ أَقَلُّ) فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ: أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، وَهِيَ رِوَايَةُ الْمُسْتَمْلِيِّ وَحْدَهُ.
قَوْلُهُ: (فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصْرَ) بِسُكُونِ الصَّادِ وَبِفَتْحِهَا، وَهُوَ عَلَى الثَّانِي جَمْعُ قَصَرَةٍ؛ أَيْ كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ، وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَالْقَصَرِ؛ بِفَتْحَتَيْنِ. وَقِيلَ: هُوَ أُصُولُ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: أَعْنَاقُ النَّخْلِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الْقَصْرُ الْبَيْتُ، وَمَنْ فَتَحَ أَرَادَ أُصُولَ النَّخْلِ الْمَقْطُوعَةِ، شَبَّهَهَا بِقَصَرِ النَّاسِ أَيْ أَعْنَاقِهِمْ، فَكَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَّرَ قِرَاءَتَهُ بِالْفَتْحِ بِمَا ذُكِرَ، وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ الْأَعْرَجِ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بِشَرَرٍ كَالْقَصَرِ بِفَتْحَتَيْنِ، قَالَ هَارُونُ: وَأَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو أَنَّ سَعِيدًا وَابْنَ عَبَّاسٍ قَرَآ كَذَلِكَ، وَأَسْنَدَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا بِفَتْحَتَيْنِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: اقْصُرُوا لَنَا الْحَطَبَ، فَيُقْطَعُ عَلَى قَدْرِ الذِّرَاعِ وَالذِّرَاعَيْنِ. وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ﴾ قَالَ: لَيْسَتْ كَالشَّجَرِ وَالْجِبَالِ، وَلَكِنَّهَا مِثْلُ الْمَدَائِنِ وَالْحُصُونِ.
٣ - بَاب: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾
٤٩٣٣ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵄: تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصَرِ؛ كُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْخَشَبَةِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ وفَوْقَ ذَلِكَ، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ، ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾؛ حِبَالُ السُّفُنِ، تُجْمَعُ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِهِ: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾ ذَكَرَ فِيهِ الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى وَهُوَ الْقَطَّانُ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ.
قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ) زَادَ الْمُسْتَمْلِيُّ في رِوَايَتَهُ: أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾؛ حِبَالُ السُّفُنِ تُجْمَعُ)؛ أَيْ يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ لِيَقْوَى (حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ) قُلْتُ: هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَسَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَسْأَلُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾، قَالَ: حِبَالُ السُّفُنِ يُجْمَعُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ، وَفِي رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ الْقُلُوصُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْجُسُورِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَحْفُوظُ.
٤ - بَاب قَوْلُهُ: ﴿هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ﴾
٤٩٣٤ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَارٍ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ (وَالْمُرْسَلَاتِ)، فَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اقْتُلُوهَا. فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا. قَالَ عُمَرُ: حَفِظْتُهُ مِنْ أَبِي: فِي غَارٍ بِمِنًى.