﷽
٢٥ - كِتَاب الْحَجِّ
١ - بَاب وُجُوبِ الْحَجِّ وَفَضْلِهِ وَقَوْلِ اللَّهِ: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [٩٧ آل عمران]
١٥١٣ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثعَمَ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ وَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
[الحديث ١٥١٣ - أطرافه في: ١٨٥٤، ١٨٥٥، ٤٣٩٩، ٦٢٢٨]
قَوْلُهُ: (بَابُ وُجُوبِ الْحَجِّ وَفَضْلِهِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَسَقَطَ لِغَيْرِهِ الْبَسْمَلَةُ وَبَابٌ، وَلِبَعْضِهِمْ قَوْلُهُ: وَقَوْلِ اللَّهِ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ: كِتَابُ الْمَنَاسِكِ. وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْحَجَّ عَلَى الصِّيَامِ لِمُنَاسَبَةٍ لَطِيفَةٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي الْمُقَدِّمَةِ. وَرَتَّبَهُ عَلَى مَقَاصِدَ مُتَنَاسِبَةٍ: فَبَدَأَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَوَاقِيتِ، ثُمَّ بِدُخُولِ مَكَّةَ وَمَا مَعَهَا ثُمَّ بِصِفَةِ الْحَجِّ، ثُمَّ بِأَحْكَامِ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ بِمُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ، ثُمَّ بِفَضْلِ الْمَدِينَةِ. وَمُنَاسَبَةُ هَذَا التَّرْتِيبِ غَيْرُ خَفِيَّةٍ عَلَى الْفَطِنِ.
وَأَصْلُ الْحَجِّ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ، وَقَالَ الْخَلِيلُ: كَثْرَةُ الْقَصْدِ إِلَى مُعَظَّمٍ. وَفِي الشَّرْعِ الْقَصْدُ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ بِأَعْمَالٍ مَخْصُوصَةٍ. وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِكَسْرِهَا لُغَتَانِ، نَقَلَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ الْكَسْرَ لُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ، وَالْفَتْحَ لِغَيْرِهِمْ، وَنُقِلَ عَنْ حُسَيْنٍ الْجُعْفِيِّ أَنَّ الْفَتْحَ الِاسْمُ، وَالْكَسْرَ الْمَصْدَرُ. وَعَنْ غَيْرِهِ عَكْسُهُ. وَوُجُوبُ الْحَجِّ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ إِلَّا لِعَارِضٍ كَالنَّذْرِ. وَاخْتُلِفَ، هَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ أَوِ التَّرَاخِي؟ وَهُوَ مَشْهُورٌ. وَفِي وَقْتِ ابْتِدَاءِ فَرْضِهِ فَقِيلَ: قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَهُوَ شَاذٌّ، وَقِيلَ: بَعْدَهَا. ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي سَنَتِهِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا سَنَةَ سِتٍّ، لِأَنَّهَا نَزَلَ فِيهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِتْمَامِ ابْتِدَاءُ الْفَرْضِ، وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ عَلْقَمَةَ وَمَسْرُوقٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ بِلَفْظِ: وَأَقِيمُوا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْهُمْ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْإِتْمَامِ الْإِكْمَالُ بَعْدَ الشُّرُوعِ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ فَرْضِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَدْ وَقَعَ فِي قِصَّةِ ضِمَامٍ ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْحَجِّ، وَكَانَ قُدُومُهُ عَلَى مَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ، وَهَذَا يَدُلُّ - إِنْ ثَبَتَ - عَلَى تَقَدُّمِهِ عَلَى سَنَةِ خَمْسٍ أَوْ وُقُوعِهِ فِيهَا، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى الْعُمْرَةِ. وَأَمَّا فَضْلُهُ فَمَشْهُورٌ وَلَا سِيَّمَا فِي الْوَعِيدِ عَلَى تَرْكِهِ فِي الْآيَةِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ.
وَلَكِنْ لَمْ يُورِدِ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ غَيْرَ حَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ، وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ خَفِيٌّ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ إِثْبَاتَ فَضْلِهِ مِنْ جِهَةِ تَأْكِيدِ الْأَمْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute