وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: قَالُوا إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ - أَيْ مَسْحُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الْخُفَّيْنِ - قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، فَقَالَ جَرِيرٌ: مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ جَرِيرٍ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَقَبْلَ الْمَائِدَةِ أَمْ بَعْدَهَا؟ قَالَ: مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ الْمَائِدَةِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُفَسِّرٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَنْ أَنْكَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ تَأَوَّلَ أَنَّ مَسْحَ النَّبِيِّ ﷺ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْوُضُوءِ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ فَيَكُونُ مَنْسُوخًا، فَذَكَرَ جَرِيرٌ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ رَآهُ يَمْسَحُ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، فَكَانَ أَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ يُعْجِبُهُمْ حَدِيثُ جَرِيرٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ رَدًّا عَلَى أَصْحَابِ التَّأْوِيلِ الْمَذْكُورِ.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ إِحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ - وَهِيَ قِرَاءَةُ الْخَفْضِ - دَالَّةٌ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ سَائِرُ مَبَاحِثِهِ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ.
٣٨٨ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: وَضَّأْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ) هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَصْرٍ، نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ غَيْرُهُ. وَفِيهِ أَيْضًا ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ: الْأَعْمَشُ وَشَيْخُهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ أَبُو الضُّحَى، وَمَسْرُوقٌ، وَتَرَدُّدُ الْكِرْمَانِيِّ فِي أَنَّ مُسْلِمًا هَلْ هُوَ أَبُو الضُّحَى أَوِ الْبَطِينُ قُصُورٌ، فَقَدْ جَزَمَ الْحُفَّاظُ بِأَنَّهُ أَبُو الضُّحَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ حَيْثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ تَامًّا فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ.
٢٦ - بَاب إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ
٣٨٩ - أَخْبَرَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ، قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا صَلَّيْتَ. قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: لَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ.
[الحديث ٣٨٩ - طرفاه في: ٨٠٨، ٧٩١٤]
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ) كَذَا وَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ وَحَدِيثُ حُذَيْفَةَ فِيهَا وَالتَّرْجَمَةُ الَّتِي بَعْدَهَا وَحَدِيثُ ابْنِ بُحَيْنَةَ فِيهَا مَوْصُولًا وَمُعَلَّقًا، وَوَقَعَتَا عِنْدَ الْأَصِيلِيِّ قَبْلَ بَابِ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ وَلَمْ يَقَعْ عِنْدَ الْمُسْتَمْلِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ سَيَأْتِي فِي مَكَانِهِ اللَّائِقِ بِهِ، وَهُوَ أَبْوَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ. وَلَوْلَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِ إِعَادَةُ التَّرْجَمَةِ وَحَدِيثُهَا مَعًا لَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مُنَاسَبَةُ التَّرْجَمَةِ الْأُولَى لِأَبْوَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ شَرْطًا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ كَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا. وَمُنَاسَبَةُ التَّرْجَمَةِ الثَّانِيَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْمُجَافَاةَ فِي السُّجُودِ لَا تَسْتَلْزِمُ عَدَمَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَلَا تَكُونُ مُبْطِلَةً لِلصَّلَاةِ، وَفِي الْجُمْلَةِ إِعَادَةُ هَاتَيْنِ التَّرْجَمَتَيْنِ هُنَا وَفِي أَبْوَابِ السُّجُودِ الْحَمْلُ فِيهِ عِنْدِي عَلَى النُّسَّاخِ بِدَلِيلِ سَلَامَةِ رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ أَحْفَظُهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute