تَابَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ يَعْنِي فِي قَوْلِهِ جُدُرَاتٌ وَرِوَايَةُ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ هَذِهِ وَصَلَهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا: وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي: الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ جَمِيعًا عَنْ حُمَيْدٍ، وَقَدْ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ طَرِيقَ قُتَيْبَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي فَضَائِلِ الْمَدِينَةِ بِلَفْظِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: رَاحِلَتَهُ بَدَلَ نَاقَتِهِ، وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ وَزَادَ الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ وَغَيْرُهُ عَنْ حُمَيْدٍ وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى مَنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ مُوَافِقًا لِلْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ دِلَالَةٌ عَلَى فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَعَلَى مَشْرُوعِيَّةِ حُبِّ الْوَطَنِ وَالْحَنِينِ إِلَيْهِ.
١٨ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾
١٨٠٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ ﵁ يَقُولُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا، كَانَتْ الْأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَجَاءُوا لَمْ يَدْخُلُوا مِنْ قِبَلِ أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ، وَلَكِنْ مِنْ ظُهُورِهَا، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَخَلَ مِنْ قِبَلِ بَابِهِ، فَكَأَنَّهُ عُيِّرَ بِذَلِكَ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾
[الحديث ١٨٠٣ - طرفه في: ٤٥١٢]
قَوْلُهُ: (بَابُ: قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾ أَيْ بَيَانِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) هُوَ السَّبِيعِيُّ.
قَوْلُهُ: (كَانَتِ الْأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَجَاءُوا) هَذَا ظَاهِرٌ فِي اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْأَنْصَارِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ سَائِرَ الْعَرَبِ كَانُوا كَذَلِكَ إِلَّا قُرَيْشًا، وَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ مُرْسَلِ قَتَادَةَ كَمَا قَالَ الْبَرَاءُ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ مُرْسَلِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ نَحْوَهُ.
قَوْلُهُ: (إِذَا حَجُّوا) سَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِلَفْظِ: إِذَا أَحْرَمُوا فِي الْجَاهِلِيَّ.
قَوْلُهُ: (فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ) هُوَ قُطْبَةُ بِضَمِّ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، ابْنُ عَامِرِ بْنِ حَدِيدَةَ بِمُهْمَلَاتٍ وَزْنُ كَبِيرَةَ، الْأَنْصَارِيُّ، الْخَزْرَجِيُّ السُّلَمِيُّ، كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ طَرِيقِ عَمَّارِ بْنِ زُرَيْقٍ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تُدْعَى الْحُمْسَ، وَكَانُوا يَدْخُلُونَ مِنَ الْأَبْوَابِ فِي الْإِحْرَامِ، وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ وَسَائِرُ الْعَرَبِ لَا يَدْخُلُونَ مِنَ الْأَبْوَابِ، فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بُسْتَانٍ فَخَرَجَ مِنْ بَابِهِ فَخَرَجَ مَعَهُ قُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قُطْبَةَ رَجُلٌ فَاجِرٌ، فَإِنَّهُ خَرَجَ مَعَكَ مِنَ الْبَابِ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُكَ فَعَلْتَهُ فَفَعَلْتُ كَمَا فَعَلْتَ. قَالَ: إِنِّي أَحْمَسِيٌّ، قَالَ فَإِنَّ دِينِي دِينُكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ. وَهَذَا الْإِسْنَادُ وَإِنْ كَانَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ عَلَى الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ فَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ فَلَمْ يَذْكُرْ جَابِرًا أَخْرَجَهُ تَقِيٌّ، وَأَبُو الشَّيْخِ فِي تَفْسِيرِهِمَا مِنْ طَرِيقِهِ، وَكَذَا سَمَّاهُ الْكَلْبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَا ذَكَرَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي تَفْسِيرِهِ.
وَجَزَمَ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ يُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ تَابُوتٍ، وَاعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ جُبَيْرٍ النَّهْشَلِيِّ قَالَ: كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا لَمْ يَأْتُوا بَيْتًا مِنْ قِبَلِ بَابِهِ، وَلَكِنْ مِنْ قِبَلِ ظَهْرِهِ، وَكَانَتْ الْحُمْسُ تَفْعَلُهُ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَائِطًا فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ تَابُوتٍ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْحُمْسِ.
فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَهَذَا