للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِيهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ: تَزَوَّجَنِي فَأَتَتْنِي أُمِّي فَأَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنِ الْأَنْصَارِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ. وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ مُطَوَّلٍ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ بِهَذَا السَّنَدِ بِعَيْنِهِ فِي بَابِ تَزْوِيجِ عَائِشَةَ قُبَيْلَ أَبْوَابِ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ مُخَالِفٌ لِلتَّرْجَمَةِ فَإِنَّ فِيهِ دُعَاءَ النِّسْوَةِ لِمَنْ أَهْدَى الْعَرُوسَ لَا الدُّعَاءِ لَهُنَّ، وَقَدِ اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ التِّينِ فَقَالَ: لَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَابِ الدُّعَاءَ لِلنِّسْوَةِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ كَيْفَ صِفَةُ دُعَائِهِنَّ لِلْعَرُوسِ، لَكِنَّ اللَّفْظَ لَا يُسَاعِدُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: الْأُمُّ هِيَ الْهَادِيَةُ لِلْعَرُوسِ الْمُجَهِّزَةُ فَهُنَّ دَعَوْنَ لَهَا وَلِمَنْ مَعَهَا وَلِلْعَرُوسِ، حَيْثُ قُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ جِئْتُنَّ أَوْ قَدِمْتُنَّ عَلَى الْخَيْرِ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِي النِّسْوَةِ لِلِاخْتِصَاصِ أَيِ الدُّعَاءِ الْمُخْتَصِّ بِالنِّسْوَةِ اللَّاتِي يُهْدِينَ، وَلَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ اللَّامِ الَّتِي لِلْعَرُوسِ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمَدْعُوِّ لَهَا وَالَّتِي فِي النِّسْوَةِ لِأَنَّهَا الدَّاعِيَةُ، وَفِي جَوَازِ مِثْلِهِ خِلَافٌ، انْتَهَى.

وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ مَا تُوَجَّهُ بِهِ التَّرْجَمَةُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مُرَادَ الْبُخَارِيِّ بِالنِّسْوَةِ مَنْ يُهْدِي الْعَرُوسَ سَوَاءٌ كُنَّ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَأَنَّ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ يَدْعُو لِمَنْ أَحْضَرَ الْعَرُوسَ، وَلَمْ يُرِدِ الدُّعَاءَ لِلنِّسْوَةِ الْحَاضِرَاتِ فِي الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ الْعَرُوسُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى الْبَاءِ عَلَى حَذْفٍ أَيِ الْمُخْتَصُّ بِالنِّسْوَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ بَدَلٌ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَالتَّقْدِيرُ دُعَاءُ النِّسْوَةِ الدَّاعِيَاتِ لِلنِّسْوَةِ الْمُهْدِيَاتِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مِنْ أَيِّ الدُّعَاءِ الصَّادِرِ مِنَ النِّسْوَةِ، وَعِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ حَفْصَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ مَرَّ بِجِوَارٍ بِنَاحِيَةِ بَنِي جَدَرَةَ وَهُنَّ يَقُلْنَ:

فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ

فَقَالَ: قُلْنَ حَيَّانَا اللَّهُ وَحَيَّاكُمْ، فَهَذَا فِيهِ دُعَاءٌ لِلنِّسْوَةِ اللَّاتِي يَهْدِينَ الْعَرُوسَ وَقَوْلُهُ يَهْدِينَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ الْهِدَايَةِ وَبِضَمِّهِ مِنَ الْهَدِيَّةِ، وَلَمَّا كَانَتِ الْعَرُوسُ تُجَهَّزُ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا إِلَى الزَّوْجِ احْتَاجَتْ إِلَى مَنْ يَهْدِيهَا الطَّرِيقَ إِلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَتْ عَلَيْهَا أَنَّهَا هدِيَّةٌ، فَالضَّبْطَ بِالْوَجْهَيْنِ عَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلِلْعَرُوسِ فَهُوَ اسْمٌ لِلزَّوْجَيْنِ عِنْدَ أَوَّلِ اجْتِمَاعِهِمَا يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ النِّسْوَةِ عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَشْمَلُ الْمَرْأَةَ وَزَوْجَهَا، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ عَائِشَةَ كَمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ هُنَاكَ، وَفِيهِ أَنَّ أُمَّهَا لَمَّا أَجْلَسَتْهَا فِي حِجْز رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَتْ: هَؤُلَاءِ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهِمْ.

وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ سَمَّى مِنْهُنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الْأَنْصَارِيَّةَ، فَقَدْ أَخْرَجَ جَعْفَرٌ الْمُسْتَغْفِرِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ كِلَابِ بْنِ تِلَادٍ، عَنْ تِلَادٍ، عَنْ أَسْمَاءَ مُقَيِّنَةِ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَقْعَدْنَا عَائِشَةَ لِنُجْلِيَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ جَاءَنَا فَقَرَّبَ إِلَيْنَا تَمْرًا وَلَبَنًا الْحَدِيثَ، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ هَذِهِ الْقِصَّةُ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِن تِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَانَتْ مَعَ زَوْجِهَا جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالْحَبَشَةِ، وَالْمُقَيِّنَةُ بِقَافٍ وَنُونٍ الَّتِي تُزَيِّنُ الْعَرُوسَ عِنْدَ دُخُولِهَا عَلَى زَوْجِهَا.

٥٨ - بَاب مَنْ أَحَبَّ الْبِنَاءَ قَبْلَ الْغَزْوِ

٥١٥٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ ، قَالَ: غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا.

قَوْلُهُ (بَابُ مَنْ أَحَبَّ الْبِنَاءَ) أَيْ بِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَبْلَ الْغَزْوِ) أَيْ إِذَا حَضَرَ الْجِهَادَ لِيَكُونَ فِكْرُهُ