(بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي) فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ: ذَكَرَ اللَّهَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ: جَنِّبْنِي بِالْإِفْرَادِ أَيْضًا، وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ جَنِّبْنَا.
قَوْلُهُ (الشَّيْطَانُ) فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: جَنِّبْنِي وَجَنِّبْ مَا رَزَقْتَنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.
قَوْلُهُ (ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ أَوْ قُضِيَ وَلَدٌ) كَذَا بِالشَّكِّ، وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنُهَمَا فِي ذَلِكَ - أَيِ الْحَالِ - وَلَدٌ، وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ: فَإِنْ قَضَى اللَّهُ بَيْنَهُمَا وَلَدًا، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةِ جرير ثُمَّ قُدِّرَ أَنْ يَكُونَ وَالْبَاقِي مِثْلُهُ، وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ فَرُزِقَا وَلَدًا.
قَوْلُهُ (لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا) كَذَا بِالتَّنْكِيرِ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَحْمَدَ: لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ أَوْ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ، وَتَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ رِوَايَةِ هَمَّامٍ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَإِسْرَائِيلَ، وَرَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ بِلَفْظِ الشَّيْطَانِ، وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ الْمَذْكُورِ فِي لَفْظِ الدُّعَاءِ، وَلِأَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمِّيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ: لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ الشَّيْطَانُ أَبَدًا، وَفِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: إِذَا أَتَى الرَّجُلُ أَهْلَهُ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقَتْنَا وَلَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ نَصِيبًا فِيمَا رَزَقْتَنَا، فَكَانَ يُرْجَى إِنْ حَمَلَتْ أَنْ يَكُونَ وَلَدًا صَالِحًا، وَاخْتُلِفَ فِي الضَّرَرِ الْمَنْفِيِّ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَا نَقَلَ عِيَاضٌ عَلَى عَدَمِ الْحَمْلِ عَلَى الْعُمُومِ فِي أَنْوَاعِ الضَّرَرِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الْحَمْلِ عَلَى عُمُومِ الْأَحْوَالِ مِنْ صِيغَةِ النَّفْيِ مَعَ التَّأْبِيدِ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ: إِنَّ كُلَّ بَنِي آدَمَ يَطْعَنُ الشَّيْطَانُ فِي بَطْنِهِ حِينَ يُولَدُ إِلَّا مَنِ اسْتَثْنَى؛ فَإِنَّ فِي هَذَا الطَّعْنِ نَوْعَ ضَرَرٍ فِي الْجُمْلَةِ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ صُرَاخِهِ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ: الْمَعْنَى لَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ بَرَكَةِ التَّسْمِيَةِ، بَلْ يَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادِ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ وَيُؤَيِّدُهُ مُرْسَلُ الْحَسَنِ الْمَذْكُورُ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ لَمْ يُطَعْنَ فِي بَطْنِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ لِمُنَابَذَتِهِ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَيْسَ تَخْصِيصُهُ بِأَوْلَى مِنْ تَخْصِيصِ هَذَا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ لَمْ يَصْرَعْهُ، وَقِيلَ: لَمْ يَضُرَّهُ فِي بَدَنِهِ، وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَضُرَّهُ فِي دِينِهِ أَيْضًا، وَلَكِنْ يُبْعِدُهُ انْتِفَاءُ الْعِصْمَةِ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ مَنْ خُصَّ بِالْعِصْمَةِ بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ لَا بِطَرِيقِ الْجَوَازِ، فَلَا مَانِعَ أَنْ يُوجَدَ مَنْ لَا يَصْدُرُ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ عَمْدًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاجِبًا لَهُ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَى لَمْ يَضُرَّهُ أَيْ لَمْ يَفْتِنْهُ عَنْ دِينِهِ إِلَى الْكُفْرِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عِصْمَتَهُ مِنْهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، وَقِيلَ: لَمْ يَضُرَّهُ بِمُشَارَكَةِ أَبِيهِ فِي جِمَاعِ أُمِّهِ كَمَا جَاءَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ الَّذِي يُجَامِعُ وَلَا يُسَمِّي يَلْتَفُّ الشَّيْطَانُ عَلَى إِحْلِيلِهِ فَيُجَامِعُ مَعَهُ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ الْأَجْوِبَةِ، وَيَتَأَيَّدُ الْحَمْلُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْكَثِيرَ مِمَّنْ يَعْرِفُ هَذَا الْفَضْلَ الْعَظِيمَ يَذْهَلُ عَنْهُ عِنْدَ إِرَادَةِ الْمُوَاقَعَةِ، وَالْقَلِيلُ الَّذِي قَدْ يَسْتَحْضِرُهُ وَيَفْعَلُهُ لَا يَقَعُ مَعَهُ الْحَمْلُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ نَادِرًا لَمْ يَبْعُدْ.
وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا اسْتِحْبَابُ التَّسْمِيَةِ وَالدُّعَاءِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى فِي حَالَةِ الْمَلَاذِّ كَالْوِقَاعِ، وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ. وَفِيهِ الِاعْتِصَامُ بِذِكْرِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ وَالتَّبَرُّكِ بِاسْمِهِ وَالِاسْتِعَاذَةُ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الْأَسْوَاءِ، وَفِيهِ الِاسْتِشْعَارُ بِأَنَّهُ الْمُيَسِّرُ لِذَلِكَ الْعَمَلُ وَالْمُعِينُ عَلَيْهِ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ مُلَازِمٌ لِابْنِ آدَمَ لَا يَنْطَرِدُ عَنْهُ إِلَّا إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ. وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْعِ الْمُحْدِثِ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ، وَيَخْدِشُ فِيهِ الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَهُوَ نَظِيرٌ مَا وَقَعَ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَ الْخَلَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ وَأَشَارَ إِلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ، وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ.
٦٧ - بَاب الْوَلِيمَةُ حَقٌّ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: قَالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute